«يا ذرَّة» كوني برَّة !!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بن أحمد الشدي[/COLOR][/ALIGN]
من داخل فروته الصوفية، وهو ممدد في رواق خيمته، رشق صفح الجبل القريب منه بنظرة عابرة فلمح سرب من النمل تقوده واحدة نشطة، وهي تحاول أن تتسلق الصخر الأملس مرة بعد مرة عندها تذكر تلك الأهزوجة الشعبية:\”يا ذرة كوني برة واكلي من الدخن والعيش\” ثم تمطى ونهض من فراشه، وقال: هاجس قديم جعلني أفكر في ابن المقفع والجاحظ.
– وأقول لو أننا معشر الكاتبين رجعنا نكتب على طريقتهما الرمزية على لسان الطير والحيوان فماذا سوف يحصل لنا سنكون مثل النملة والفيل مع هؤلاء الهوامير من النقاد في مجتمعنا الذين لا يهزهم ريح !
– أو مثل وعل الشاعر الأعشى الذي أوهن قرنه في تلك الصخرة الصماء !! ثم قال لنفسه: ما عليك سوف أحفر في هذا الحجر الصوان طريقاً أعبره إلى ما أريد. سوف أحفره بكل صبر حتى أبلغ منه، وكما يفعل الحبل في الحجر مع طول السنين بل أمام هذا المثل الحي النملة وفعلها. وهل النملة، أو \”الذرة\” أقدر مني .. ربما.. ربما يا ذرة؟!
على جدار القلب !!
– قال: سئمت حالة الانتظار والتسكع في شوارع هذه المدينة الفارهة.. لم يبق في هذه المدينة الفاتنة حي. ولا سوق، ولا شارع ، ولا ميدان ، ولا مفترق طرق، ولا رصيف إلا ولي فيه وعنده وقفات طويلة ومواعيد بريئة ما زالت تتشبث بجدران الذاكرة وتتسلق أغصان القلب.
لقد عرفتني الشمس والأشجار والمقاهي والناس والأغنام العابرة ! أنا وشم قديم على خد هذه الأرض قبل أن تثور الزوابع وتصهل الخيول العائدة من الغربة .. والليل والجبل والسهل وتأتي من أقبية النسيان !!
ولهذا لا يجوز أن يتجاهلني وجه عابس بنظراته الزائغة في مكتب المصلحة العامة – فقط لأنني حدقت في الأفق، وغنيت بصوت حاد مرتفع لأعراس هذا الوطن المتمدد في فؤادي بشرقه وروضه وجباله. كما غنيت لمعشوقتي الكلمة !
– كنت استشرف الآفاق وأسأل الزمان: كيف أهلي على الشاطئ عبر مفاوز الصحراء الغامضة التي توارت عليهم.
– وما هذه البوم التي \”تصفر\” في وادينا من أين أتت من \”مدن\” الملح والبحر.. ربما!
التصنيف: