وَقُلْ رَبِّى إرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا

نيفين عباس

إستيقظت اليوم على رسالة من أحد الصديقات على تطبيق واتس أب تحمل مقطع لأحد الأشخاص كان بمثابة الفاجعة بالنسبة لى ، أسرعت بالدخول على الإنترنت للتحقق من الأمر فوجدت أنه حقيقى وما حاولت أن أكذبه بعينى حقيقة واقعة لا محال !!

أشعر قبل كل شيئ بالحيرة لأننى لا أدرى كيف أصف صاحب هذا المقطع فإذا وصفته بالإنسان فقد ظلمت الإنسانية ، وإذ وصفته بالحيوان فهو أقل درجة من الحيوانات أيضاً !! كان المقطع لشخص ما “عاق” فى أحد شوارع الرياض يقوم بإستهال عصا أو قطعه من الحديد ويقوم بضرب والده بها ثم يتوجه لأمه لتسديد الضربات لها بيده تمنيت فى تلك اللحظة لو تنزل على يده صاعقة من السماء لتشلها وتوقفه عن هذا الفعل البشع الدنئ الذى تقشعر له الأبدان ، أى بشر هذا ؟؟ كيف سمح لنفسه أن يقوم بما فعله وما كل هذا الجحود الذى يقابل أمه وأبيه به ؟؟ هل خرج للحياة هذا اللعين فجأة دون أن تسهر الليالى إمرأة لطالما حملت همومه وسهرت على راحته ورجل كان يكد ويعمل حتى يؤمن له الحياة الكريمة حتى يصبح رجلاً صالح بالمجتمع ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فلو علمت تلك الأم المسكينة أنها حملت يوماً ما فى أحشائها عدواً لتمنت أن لا يرزقها الله بالأطفال طيلة حياتها ، وما يحزننى أكثر من قام بالأساس بتصوير هذا المقطع وهو ما تعجب أيضاً منه المغردين وأصحاب الرأى والعلماء على مواقع التواصل الإجتماعى المختلفة بعد أن أطلقوا وسم يحمل عنوان #شاب_عاق_يضرب_امه_وابوه_بالرياض ، الأمر حقاً يغضب كل من يشاهده بقدر البشاعة التى قام بها صاحب المقطع من ضرب أمه وأبيه إلا أن البشاعة فى ردود الأفعال السلبية للغاية من المارة والمصور لتجعل الإحساس بالقهر والحزن أطنان ، كنت أقرأ اليوم مقال للكاتبة القديرة والصديقة العزيزة موزة عبدالعزيز آل إسحاق يحمل عنوان (اليوم العالمى للمسنين) تحدثت موزة فى مقالها عن أهمية إحتواء المسنين ورعايتهم ودور المجتمع تجاههم وذكرت فى مقالها أهمية أن يحاط المسن بالإهتمام والرعاية لأنه يشعر بالفراغ ، بمجرد قراءتى لتلك الكلمات فاضت عيناىّ بالدموع لأننى شعرت للحظة الحنين الجارف والإحساس الكبير بالذنب تجاه أبى رحمه الله ، بسبب إنشغالى عنه بعض الفترات لإنهاكى فى العمل وتذكرت كيف كان يطلب منى الجلوس معه ولكن العمل لم يترك لى المجال حتى “أشبع” من الجلوس معه رحمه الله ، فكيف لإنسان أن يقدم على ما فعله ؟؟ هذا الشخص جاحد وحاقد بنعم الله عليه ألا يوجد صوت حدثه من قبل فى أحد المنابر عن أهمية رعاية الأم والأب ؟؟ ألا يوجد من يذكره بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأم والأب ووصيته الشريفة عليهم ؟؟ بالتأكيد هو لا يشعر بفجاجه وعظمة ما فعله الأن ولكنه حتماً سيشعر بذلك عن قريب عندما يمر بتجربة فقدان أحدهم تلك التجربة الأشد فتكاً ووجعاً بقلب الإنسان على الإطلاق ، كم أتمنى لو أننى مررت أثناء تلك اللحظات التى لا أشعر كيف مرت على الأم والأب بنفس الشارع الذى شهد الواقعة حتى أتنازل عن أنوثتى وأقوم بتسديد الركلات والضرب المبرح لهذا العاق حتى يكون عبرة لغيره وأقوم بما لم يقوم به الرجال للأسف عندما شاهدوا هذا الأمر وإكتفوا فقط بتصويره لنقله لنا لنتحسر على الرجولة والإنسانية والرحمة

قال تعالى : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))

وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ” أمك “، قلت ثم من؟، قال: ” أمك ” قلت ثم من؟، قال: ” أمك “، قلت ثم من؟)  قال ” ثم أبوك

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *