[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

الحوار بين الأمهات والآباء هذه الأيام يختلف عن الحوار أيام زمان. وأسباب الفخر بهم صارت أيضا تختلف عن أيام زمان. ما لم يختلف ولن يغيره الزمان هو أنك عندما تلتقي بهؤلاء الآباء والأمهات نادراً ما تفلت من الاستماع الى جزء من مروياتهم عن ابنائهم.
يتحدثون عنهم بحب ويحكون قصصا يجدونها مدعاة للتندر أساسها ذكاء هؤلاء الأبناء وألمعية استجاباتهم. لكن الجديد هو المعايير التي صار البعض من الآباء والأمهات يقيسون بها نجاحهم في تربية هؤلاء الأبناء.
كان المقياس والمفروض ان يستمر أن يتفوق الاطفال وينجحون في تعليمهم ثم فيما بعد ينجحون في حياتهم العملية، وفي الواقع ان ذلك ممكن اذا قل عددهم اما اذا زاد فإن المغامرة تكون كبيرة، في ظل الظروف التي تعيشها الشعوب، في زمن العولمة.
هل هم أقل خطورة؟:
مناسبة هذ الحديث، كلام سمعته يدور بين سيدتين إحداهما لديها ستة أطفال، والأخرى أربعة. وأم الستة كثيرة الاعتذار بمناسبة وبدون مناسبة عن كونها انجبت ستة اطفال.
وهي تحرص أمام الآخرين أن تبرر أن انجابها لآخرهم كان غصبا عنها، فهي لم تخطط لذلك، لكن زوجها الذي يخشى ان تنتهي من تربية الاطفال وتبحث عن عمل يحرص على ان تنجب بشكل دائم، فلا تنتهي مهامها في البيت ابدا.
كان بعض هؤلاء الصغار قد كبروا وانهوا الجامعة وحصلوا على مواقع وظيفية، وسمعت الأم تقول لصديقتها \”صحيح الآخرين بالكاد اكملوا الثانوية وهم حتى الآن عاطلون عن العمل لكنني اعتبر انني قد قمت بمهمتي على خير ما يرام، فليس من بينهم ارهابي\”.
وقالت الأخرى متفاخرة \” وابنائي الحمدلله ليس منهم متطرف ولا مجرم ولا مدمن مخدرات، يجب ان نفكر فيما انعم الله به علينا، فليس التفوق هو القصة هذه الأيام\”.
هكذا يبدو لي ان المعايير قد اختلفت، فالخوف من وقوع الأبناء في غائلة واحد من مصائب هذا الدهر صار هاجسا يسيطر على كل بيت خاصة تلك التي يتزايد فيها عدد الأطفال فيخرج بعضهم عن حدود السيطرة.
يريد الآباء والأمهات لأبنائهم كل خير، ويحاولون ترجمة ذلك في كل سلوك يقومون به، وكل كلمة يعبرون عنها، لكن التربية ليست مسؤولية الأب والأم وحدهما بل هي مسؤولية مجتمع بأكمله.
فإن صلح المسجد كان الذهاب إليه نعمة من الله يحقق الايمان والسكينة واليقين، ويقي من مخاطر فقدان التسامح والمحبة والتعاضد. وإن صلحت المدرسة صارت مصدراً للعلم والمهارات والعلاقات السوية بالاصدقاء والاستعداد للمستقبل.
وهكذا كل وحدة من وحدات المجتمع السليم، تساهم في جعل الابناء ينشأون بطريقة تضمن عدم جنوحهم الى التطرف والرغبة في الدمار. ولكن في النهاية فإن كل الظواهر المجتمعية المرضية قد حدثت بسبب خطأ ما في طريق نمو الاطفال الطويل، رغم انف رغبات الآباء والأمهات.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *