حينما فشلت حملة مقاطعة المطاعم التي كان يقودها بعض النشطاء في تويتر لإجبارها على إعادة تسعير وجباتها الغذائية ؛ بما يتواءم مع حالة التراجع العام في المنتجات الغذائية في الأسواق كالأرز واللحوم ونحوهما ،

وأيضاً بما يتناسب مع تراجع الدخول للكثير من الناس جراء التعديلات الأخيرة في رواتب المواطنين ، شعرت بالضيق ، ليس لفشل الحملة ذاتها ، إنما لأنها كشفت لي بقعة سوداء في الثوب العام . صدقوني لو كنت صاحب مطعم واضطررت للإذعان لمطالب الحملة ما شعرت بمثل هذا الحزن !! ألهذا الحد كيلو لحمة لم يستطع المستهلك ذو الدخل المرتفع التخلي عنه ؟ ماذا لو كان الأمر أكبر من مجرد كيلو لحمة ؟

إن المجتمع الذي لا يصغِ باهتمام لشكايات أضعف فئاته ، ويشعر بهموم فقرائه لهو مجتمع مفكك حتى وأن بدا من الخارج مترابطاً شديد الانسجام ، ولطالما كانت الحملات الشعبية في أي مجتمع بمثابة المعيار الذي بواسطته تختبر الشعوب مدى ترابطها وحدود التلاحم فيما بين مكوناتها ،

لهذا كم تمنيت حقاً لو أن تلك الحملة أثبتت لأنفسنا قبل التجار كم نحن كتلة واحدة فعلاً لا قولاً ، ليس تحاملاً على التجار أو حسداً لأصحاب المطاعم معاذ الله ، إنما لأنها منصفة عطفاً لمؤشرات تدني السلع الغذائية الأولية محلياً وعالمياً ، ما يعني أن مطالب خفض الأسعار لم تكن لتحدث أدنى ضرر لأي طرف سواء التاجر أو المستهلك بعكس ارتفاعها التي لم تزل تنهك كاهل أصحاب الدخول المتدنية.

أقصوصة : يحكى أن رجلاً كان له حصانان يسيران في الطريق ، وكان الحِمْل كله على ظهر أحدهما بينما الآخر بلا حمولة ، فقال الحصان صاحب الحمل لرفيقه الآخر : إن الحمل علي ثقيل ، وقد طالت علي المسافة ، ألا تحمل عني شيئاً منه ؟ فأبى الحصان الآخر ورفض تلبية طلبه ، فأُنهك صاحب الحمل حتى سقط هالكاً.

فقام الرجل فوراً بنقل كل الحمل إلي ظهر الحصان الآخر وفوقه جلد صاحبه بعد أن سلخه ، وحينما شعر الحصان بثقل الحمل أطلق زفرات العويل والحسرة وراح يردد : لو تقاسمت الحمل مع صاحبي لكان خيرا لي من هذا ، لكنه جزاء من يتعالى على صاحبه ، ينوء بالحمل كله وفوقه الجلد!

Abha/Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *