وعاد بخفي منتظر
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني [/COLOR][/ALIGN]
من أعظم الأمراض التي تكبر في نفس الطاغية مرض العظمة والظهور بمظهر القوة والشجاعة المزيفة ، وأنه جبل لا تهزه الريح ، ولكن للقدر كلمة الفصل دائماً فيأبى إلا أن ينسف مثل هذه الأوهام ، ليس من رؤوس ونفوس الطغاة – فهم يعرفون مكانتهم في نفوسهم وأنهم أقل بكثير مما يظهرون به أمام الناس – ولكن نسفها أمام الملأ ليفضحهم الله ويعري حقيقتهم ويضعهم في المكان الذي يستحقونه .
أن ما حدث في بغداد من ذلك الصحفي الذي لم يجد ما يعبر به عن حرارة وسورة الغضب ، وينفس به عن حالة الاحتقان وما يجيش في صدره بل في صدر كل عراقي وعربي ومسلم من حالة الاحتقان والظلم الذي وقع على العراق – لم يجد – إلا تلك الجزمة التي تخلى عنها ورضي أن يسير بعدها حافياً رغم قسوة الحياة في العراق فقد لا يجد ما يشتري به حذاء آخر، ولكنه عبّر بها عن حالة قد جعلت العالم كله يشاهد تلك الصورة المعبرة بحق عن الواقع الذي قد غاب كثيراً بسبب ما يبثه الإعلام بصفة عامة بقيادة الإعلام الغربي . تلك الصورة – مزقت الحجب وهتكت الستر التي كان يتستر خلفها ، فيرى نفسه أنه أتى بما لم تأت به الأوائل وأنه جعل العالم يعيش في أمن ورخاء من خلال حروبه التي شنها بدون مبررات تحت ذرائع غير صحيحة وأهداف غير شريفة . وكشفت الوجه الحقيقي والجوهر لذلك الضيف الذي أراد أن يبرهن للعالم نجاحه فسقط سقوطاً مدوياً ، وفضحت تلك الجزمة ما كان يخفيه ويسوقه في كل مؤتمراته وأطروحاته وقراراته .
لم يكن يدر في خلد منتظر نفسه وهو يقوم بشرائها بمقاسها ولونها وموديلها أنها ستكون حديث العالم أجمع، وأنها ستحلُّ محل(خفي حنين) المثل العربي الشهير وأنها ستقضي على ما يردده الناس حول حنين وخفيه الذي مضى زمن طويل جداً والناس يتحدثون عنها في مجالسهم فاستبدله العالم بخفي منتظر، فتلك قصة لم نرها ولم يثبت صحة الخبر فقد تكون من نسج الخيال ولكن واقعة خفي منتظر ثبتت بما لا يدع للشك مجالاً رآها العالم من أقصاه إلى أقصاه. فهي تستحق أن تحل بكل جدارة واستحقاق محل المثل العربي بعد عودة بوش إلى وكره بخفي منتظر فأصبح صحة المثل:عاد بوش بخفي منتظر.
إن قدر الله يأبى أن يمضي الظالم في ظلمه والطاغية في طغيانه والمتكبر في كبريائه دون فضح حقيقته وهتك ستره. ففرعون الطاغية مع أنه قال لقومه أنا ربكم الأعلى فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ولم يفارق الدنيا حتى أراه الله الذلّ في نفسه فكل من خلفه رأى الذلّ والصغار في وجهه. وهكذا الطغاة في كل عصر ومصر، وما حدث لبوش لا يخرج عن ذلك، لقد أراد الله أن يُري بوش مكانته الحقيقية لدى الشعب العراقي، فساقه إلى بغداد قبل أن يرحل من سدة الحكم، وكان منتظر في انتظاره يرحب به بطريقته الخاصة فلم يجد إلا تلك الجزمة. كان منظر بوش وهو يحاول أن يتجنب الإصابة بالجزمة منظراً مضحكاً، فهو الذي ما لبث أن كرر في كل مناسبة ما يتحلى به من شجاعة وحكمة وثبات فيؤكد ذلك إعلامه الأمريكي والمتأمرك في الدول العربية إلا أن الحقيقة تكشفت بمجرد اتجاه الجزمة نحوه، بل ذهب إلى المغالطة الفاضحة بأن ذلك نتيجة الديمقراطية التي يتحلى بها الشعب العراقي في ظل الاحتلال الأمريكي، وإذا كان منتظر بمجرد إحساسه بالديمقراطية الجديدة قد عبر من خلالها بتوجيه تلك الجزمة إلى الرئيس مع أن منتظر لم ينعم بالديمقراطية إلا حديثاً فكيف تعامل الأمريكان مع الرئيس وهم الذين يعيشون في ديمقراطية بوش منذ زمن بعيد وبأي أسلوب تعاملوا به معه إذاً.
لو سألت أي خبير سياسي أو عسكري أو اجتماعي عن هدف هذه الزيارة وتوقيتها لما أفصح عن أي سبب وجيه ولما ذكر أي هدف نبيل بل لما استطاع أن يبرر ذلك أحد إلا بشيء واحد وهو أن الله أراد أن يقضي أمراً كان مفعولاً. وإلا فما هي الفائدة المضافة على الواقع الذي يعيشه العراق تحت الاحتلال أو ما يعانيه أفراد القوات الأمريكية من حالة الاكتئاب والخوف والتضجر وانحطاط المعنويات لديهم . لا شيء تضيفه الزيارة . وحتى لو كان لتفقد شركات النفط التي يقال أن لبوش دور في أعمالها وفقاً لما ذكره الرئيس المنتخب أوباما أثناء مناظراته خلال حملة الانتخابات . فإنه كان بالإمكان متابعة أعمال تلك الشركات من خلال مكتبه في واشنطن . ولكن لله الأمر من قبل ومن بعد .
إن بوش أصر على أن يجعل ولايته الأولى والثانية أسوأ ولاية يمر بها الشعب الأمريكي بل العالم كله، لقد كان في وسعه أن يكون في ولايته الثانية تصحيح للأخطاء التي أرتكبها في ولايته الأولى ولكنه أبى إلا أن يكون كذلك ، ولهذا فإن الشعب الأمريكي عاش في عهده أزمات لم تمر على أمريكا طوال تاريخها، سواء من الناحية الاقتصادية أو اختراق أمنها والنيل منه ، أو الكراهية التي جعلت كثير من شعوب العالم ينظر إلى أمريكا على أنها عدو للعالم كله. ولهذا الشعور الذي كان يكنه الشعب الأمريكي نفسه رأينا كيف عبر العالم كله بل الشعب الأمريكي نفسه من رضا عام وفرح عارم غداة فوز أوباما وخروج حزب الرئيس بوش من البيت الأبيض . إنها الكراهية التي جلبها بوش لنفسه ولوطنه ، فعسى أن يكون القادم يمحو تلك الكراهية أو شيئا منها.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين وأجمع كلمتهم في الحق ووحد صفوفهم إنك ولي ذلك والقادر عليه.
ص ب 9299 جدة 21413
فاكس: 6537872
التصنيف: