[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله فراج الشريف[/COLOR][/ALIGN]

بلغني بعد ظهر يوم الثلاثاء 4/8/1429هـ،وانا اتهيأ لصلاة العصر، وفي طريقي للمسجد النبوي لأدائها، الخبر المفجع الذي غمرني بحزن عظيم، الا وهو خبر وفاة الاخ العزيز والصديق الوفي الدكتور عصام عمر قدس مدير عام مستشفى العيون بجدة السابق – تغمده الله بالرحمة – وهو الرجل النبيل الذي لا يجهدك حينما تتعرف عليه للبحث عن مكنون صدره نحوك، فهو من اكثر من عرفت من الاصدقاء في حياتي صدق مودة ومحبة تشعرك بها عباراته، التي يطلقها بلهجة مكية مباشرة، لا تعرف المداراة او المداهنة، وطلاقة محياة التي لا تعرف التلون ونبرة صوته المرحة دوماً تأتيك معلنة مودته لك، التي تشعرك بالبهجة والفرح، حتى انك اذا عرفته اسفت على ما مضى من عمرك دون ان تعرفه .
وهو من النماذج الرائعة بين الاطباء، الذين يولون مرضاهم العناية والرعاية، خاصة منهم تلك الفئة الضعيفة التي لا تجد من يأخذ بيدها لتنال العلاج الحاسم لامراضها، من فقراء هذا الوطن شيوخاً من الرجال ونساء كبيرات السن، وذوي دخل محدود ليس لهم من المال ما يجعلهم يلجأون الى المراكز الطبية الخاصة المرتفعة التكاليف .
ومن كان يزوره في مكتبه او عيادته يجد اكثر من يرتادونه هم هؤلاء، يصغي الى شكواهم ويضرب لهم المواعيد لاجراء كشف او فحوصات دم واشعة للتهيئة لعملية ستجرى في موعد قريب، يوصي دوماً اطباء المستشفى وموظفيه بهذه الفئة، كان حسه الانساني يتيقظ عند نبرة مسنة اعجزها الحصول على العلاج لما يعتري بصرها من قتامة، فلا تجد من يلتفت اليها، وما ان يشيرون عليها ان تذهب اليه، فتزوره في المستشفى حتى تدرك كم يضفي على الطبيب من فضائل كثيرة حسه الانساني الرائع .
امضى فقيدنا الطبيب الانسان العمر كله يعمل بصمت، فنهض بمستشفى العيون من مستشفى صغير يختص بالرمد الى مركز طبي يعالج كل امراض العيون ويجري كل عملياتها، ويدرب اطباء العيون في المنطقة ليرتقوا بتخصصاتهم، فالانسانية في الطبيب ترتقي به حتى يصبح صديق كل مريض، وهكذا كان فقيدنا الطبيب الانسان، يقضي معظم وقته في خدمة مرضاه، ولم يكن احد يحظى بعنايته مثل مرضاه، اعلم ان الفاجعة بفقده قد نالت اسرته الصغيرة واحزنتها، ولكني ايضا كصديق اؤكد ان دائرة اصدقائه ومحبيه فاجعتهم فيه اعظم تأثيرا .
اما مرضاه في سائر ارجاء الوطن لعلهم كلما زاروا المستشفى بجدة تذكروه وحظي بجل دعائهم المتضرع الى الله عز وجل ان يرحمه ويغفر له ويسكنه فردوس جنانه، مع من احب الله عز وجل وارتضى، ممن انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً، فهو فقيد الوطن ولعل وزارة الصحة تكرمه باطلاق اسمه على المستشفى الذي كان يعمل فيه تخليداً لجهد انساني رائع بذله للقضاء على كثير من امراض العيون، ألهمنا الله الصبر على فقده انه سميع مجيب .
[ALIGN=LEFT]ص . ب ٣٥٤٨٥ جدة ٢١٤٨٨ فاكس ٦٤٠٧٠٤٣[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *