في جدة رجال عرفوا بالطيب، يأتي الخير معهم أينما ذهبوا، سمعت عن بعضهم وقرأت عن بعضهم، سمعت عن زينل علي رضا الذي كان يسمى أبا الفقراء في جدة ، وسمعت عن محمد الطويل الذي كان يصلح بين الناس ويدفع من جيبه للإصلاح بينهم وكان يجير المكسور ويرحم المقهور ، وعرفت وأنا طفل رجلاً كان يدعوه أبي عم حسين وكان جاراً لنا كان يسهر في بيت عم محمد بن حمد مع جدي سعيد، وكان عم حسين فايز من أحب الناس إلى الناس كريمُ خُلقٍ وندي يد و حليم، يصلح بين الناس ويحسن لكل محتاج كان إذا رآني يأخذ بيدي فيقبلها فأقبل أنا يده، كنت أحبه وأتعمد أن أسير في طريقه في حارة المظلوم لأسعد به وأبلغه أن أسرتي ووالدي وأعمامي يحبونه ويجلونه فيبتسم ويقول لي ” إحنا أهل” وكان متزوج بأخت عم إبراهيم أبو الحمايل عديل عمي سالم وزوجته هي ابنة خال جدي سعيد رحمه الله.
عندما سكن عم حسين في منزله الجميل في البغدادية وسكنا نحن أيضاً في البغدادية ، كنت أذهب للمسجد أغلب أوقات الصلاة فقط لأسعد برؤيته، وكان يقول للناس هذا صاحبي بالرغم أني في عمر أحفاده رحمه الله، وتمر السنين ويودعنا عم حسين ليترك لنا في النفس حسرة ولكن أيضاً ترك لنا مثال مثله يمشي على الأرض ، ترك لنا عم حامد حسين فايز الذي كان صورة رائعة من والده رحمه الله، خلق قويم وطيبة عظيمة وتواضع النبلاء وتدين الأتقياء، قبل شهرين كنت في لبنان، وكنت في مطعم من مطاعمها ونظرت فإذا بعم حامد وعائلته في الجلسة الخارجية من المطعم، فقلت لأبنائي هذا عم حامد وأسرته واستحيت أن أذهب حتى لا أزعجه وهو خلق أهل جدة نتجنب أن نذهب للسلام على من معه أسرته ، وكان عم حامد على كرسيه المتحرك وفوجئت به يدخل المطعم ويأتي لمكان جلوسي ليسلم علي ، فاجأني فانحنيت وقبلت يده وطلبت من أبنائي أن يقبلوا يده وهو يمتنع، وقلت له سامحني فقد استحييت أن آتي إليك وأنت مع اسرتك فلا أريد أن أزعجك ، قال لي أنا يسعدني أن آتي للسلام عليك رحمه الله رحمةً واسعة ، كان طيباً من طيب وحبيباً ابن حبيب ودعنا اليوم ليذهب للقاء ربه ليجزيه على حسن الخلق في أعالي جنات النعيم ، لقد كان يضرب به المثل في رضا الوالدين ، جلس تحت أقدام والده حتى توفي يفعل له كل شيء بمنتهى الحب والأدب والوفاء ، وكان باراً بأخيه عم كامل لم يترك مناسبه إلآ وأثبت حبه لأخيه الغير شقيق والذي لا يكبره إلآ بساعات فقط وحبه لكل أسرته، فقد كان في بيته مثوى لكل أقآرب أبيه وكان المحسن والوفي لهم، أطال الله في عمره لكثرة مواساته لكل الناس القريب والبعيد ، واليوم يشاء الله أن يودعنا عم حامد ( أبو محمد ) الحبيب ، لنودع معه رمز الطيب الجداوي رحمك الله يا كبيرنا وحبيبنا وأسوتنا وقدوتنا سنشتاق لجلستك وطلتك وكلامك القليل الجميل .
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء جنات عدن ، ونشهد الله أنك كنت على دين وخلق ونبل في زمن قل فيه أمثالك رحمك الله رحمة واسعة، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا اليه راجعون وإنا على فراقك يا عم حامد لمحزونون .
عزائي لكل من عرف عم حامد وآل فايز وأصهارهم وأقاربهم، عزاءنا لأم محمد السيدة الوقورة التي عاشت كل حياتها مع هذا الزوج الحبيب ، وكانت هي محور حياته رحمه الله، وعزائي حتى للخدم الذين كانوا حوله يحفهم بطيبته ويحفونه بمحبتهم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه
www.badeebjeddah.com
email : [email protected]
: @ahmedBadeeb1

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *