وجهة نظر اقتصادية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]
الذي يستعرض معي سوق الأسهم السعودية لابد و أن يشعر بالفخر و الارتياح لأننا أصبحنا أكبر سوق عربية للأسهم تتجاوز تداولاتها الترليون ريال , ولكن وبنظرة فاحصة في لوائح الشركات نجد أن :
1- شركات التأمين هي أكبر عدد من الشركات والذي يتجاوز عددها واحداً وثلاثين شركة و هي الأكثر تداولاً بالرغم من أن ما يحدث في هذا القطاع لا يعكس كمية المعلومات عن هذه الشركات , فالمتداول فيها كأنه لعبة قمار يحركها بعض هوامير السوق , وللعلم هذا ليس في أسواقنا فحسب وإنما في جميع أسواق العالم هناك القادرون على اللعب والتحكم في السوق , تتفاوت قدراتهم حسب قوانين الأسواق وللأسف الشديد فإن أسواقنا أكثر أسواق العالم هشاشة حيث تفتقد إلى ما يمسمى بلغة الأسهم Short أي بيع سهم لا تملكه بشكل آجل , فجميع تعاملاتنا هي Long لاعتقاد أن هذا التعامل يتماشى مع قوانين الشريعة الإسلامية الاقتصادية . و أنا لن أخوض في هذا الحكم ولن أفتي بجوازه من عدمه فهذا شأن فقهاء الاقتصاد الإسلامي الذين لم يستطيعوا وللأسف الشديد أن يخرجوا لنا بقول فصل في حكم القوانين التي تتماشى مع لغة العصر وتفاعلاته فنحن حتى الآن لا نعرف القول في التأمين إن كان حلالاً أم حراماً.
2-إن عدد شركات الصناعات البتروكيماوية حوالي أربع عشرة شركة أي تقريباً نصف عدد شركات التأمين في حين أن هذا القطاع الصناعي يجب أن يكون أكبر قطاع في المملكة لأنه يعتمد على مواد أولية هي من صلب اقتصادها و هو البترول و الغاز , وكان الأولى أن يكون لدينا على الأقل مائة شركة بتروكيماوية عملاقة مثل شركة سابك فإن ذلك سيضمن النمو و يزيد من فرص الوظائف و يؤدي إلى ما نسميه القيمة المضافة للخام الأولي , فبدلاً من بيع إنتاجنا من البترول و الغاز على شكل خام نبيعه على شكل منتجات وهذا يعني أن العائد من برميل البترول والمتر المكعب من الغاز سيكون مرتفعاً جداً فبينما يباع برميل البترول الخام بمائة دولار يباع المصنع منه على الأقل بسبعة أضعاف قيمته على شكله الخام وأتمنى على الدولة وكما أنها وجهت أرامكو لإنشاء شركة قائمة بذاتها لإستغلال آبار الغاز الطبيعي في الشمال و هو أمر رائع , أتمنى أن توجه وزارة الصناعة لأن يكون لكل خام ينتج في المملكة شركة ضخمة تستغله وتعمل على تصنيعه كما هو الحال في المعادن وتنشئ أيضاً شركة لإستغلال رمال الصحراء و صخور الجبال فهذه ثروات عظيمة إذا أحسنا إستغلالها .
3-أتمنى أن تنشأ شركات ضخمة لمعالجة مياه المجاري و تدوير النفايات فهذه صناعة تقوم عليها صناعات كثيرة و أنشطة زراعية كما يجب التعامل مع المجاري و النفايات بشكل علمي فهي نواتج يمكن الإستفادة منها صناعياً و زراعياً و هذا أمر هام جداً يخلص البيئة من كثير من المشاكل كما سيوفر عدد من الوظائف و يساعد في نمو البلاد و تأمين النظافة و صحة البلاد .
4-إن عدد الشركات الطبية محدود جداً فيجب أن نشجع على زيادة عددها سواءً تلك التي تصنع الدواء و المواد الطبية والمعدات الطبية او تنشئ المستوصفات و المستشفيات أو التي تدير هذه المستوصفات و المستشفيات , و يجب أن نجعل من بلادنا وطن يقصد طبياً كما يقصد دينياً بحكم وجود مكة و المدينة و المشاعر . و إن هناك ما يسمى السياحة الطبية إن جاز التعبير و يمكن إستغلالها إقتصادياً إضافة إلى ما يمكن أن نوفر من المصروفات ولا ننسى الأعداد الهائلة من السعوديين المسافرين إلى مصر و لبنان و الأردن و بريطانيا و أمريكا و غيرها من الدول حتى الصين للبحث عن العلاج .
5-بالرغم من وجود عدد محدود من البنوك لا يتناسب مع حجم إقتصاد المملكة فكان الأجدى و نحن لا يسمح لإنشاء بنوك جديدة أن نسمح للمؤسسات الإستثمارية أن تفتح فروع عندنا فنشجع رأس المال الأجنبي للاستثمار عندنا و كذالك نسمح للشركات العالمية أن تنقل تقنياتها إلينا و تستثمر عندنا فنحن بحمد الله بلداً أمناً و المستقبل فيه مشرق ولكن نحتاج إلى أنظمة في هذا المجال تطمئن المستثمر .
6-عدد مصانع الأسمنت ثلاثة عشر مصنعاً و هو أكثر من كاف و مع ذلك هناك ضغط على المصانع لزيادة الإنتاج و لما لم نفلح في ذلك منعنا التصدير ثم اضطررنا للإستيراد , و أنا أعتقد أن الإستيراد أفضل من زيادة عدد المصانع حيث أن هناك أضراراً بيئية تنتج من كثرة المصانع تسبب الأضرار إالى الأرض وما فيها وليس هناك من داع لإثارتها و لكن يجب النظر في بديل عن الإسمنت في عمليات البناء في المباني الحديدية أقل إستهلاكاً للإسمنت و أسرع في التنفيذ كما أن هناك أنواع من الإسمنت مثل البوزلان فهو أكثر فعالية من الإسمنت الإعتيادي و خامته متوفرة في المملكة بشكل كبير و هو يقلل من إستخراج المواد الطبيعية من الأرض , في المواد البتروكيماوية بدائل جيدة عن الإسمنت .
7-شركات النقل تعد على أصابع اليد الواحدة وهي لا تتناسب و المستقبل حيث يجب عمل شركات نقل جوي و بحري و بري مهمة تتناسب و حجم المملكة و حجم إقتصادها , و لابد من إيجاد شركات للقطارات و شركات للنقل بالسفن و شركات السياحة البحرية و شركات السياحة البرية .
8-يجب ان يكون لدينا شركات للتعليم الخاص_ جامعات و مدارس بحيث أن المقيم من غير السعوديين يجد جامعة و مدرسة لأبنائه و كذا السعودي المقتدر الذي يبحث عن جودة معينة فيمكنه أن يدخل أبناءه فيها .
9-شركات التطوير العقاري لا يزال عددها محدوداً و علينا تشجيعه لحل مشكلة الإسكان فنحن اليوم كدولة قادرة على تأمين السكن لشريحة كبيرة من الناس و لكن في المستقبل سيزداد العدد بصفة مستمرة و قد لا يكون بمقدور الدولة تأمين السكن للأعداد المتزايدة بهذا العدد من الشركات العقارية الموجود الآن فلا بد من إيجاد الشركات التي تكفي هذا التزايد .
هذه أفكار آمل أن تجد لها محلا في عقول أهل الاختصاص ليكونوا على دراية لآراء الناس و ما يشغل حيزاً من أفكارهم لإيجاد الإيجابيات التي تتلاءم وهذه الأفكار للتخطيط المستقبلي لبلادنا .
أعود و أكرر ما سبق و قلته .. إن بلدنا هذا ذو اقتصاد يعتمد على الكثير من القواعد الدينية و هو خليط لازال يمتزج ولكنه لم ينضج بعد يحتاج إلى دراسات كثيرة وتجارب محسومة النتائج لما نتمنى و نأمل من زيادة حجم اقتصادنا الإسلامي ليلبي رغبات و طموحات أمتنا .
إن الدولة غير مسؤولة عن تأمين وظيفة لكل فرد ولا عن توفير السكن له و لكنها مسؤولة عن إيجاد كل مقومات النمو والبيئة المناسبة لذلك مع إتاحة تكافئ الفرص وإقامة العدالة في الإنفاق على إقامة البنى التحتية في جميع أرض الوطن حسب الضرورة والاحتياج .
وفق الله القائمين على اقتصادنا لكل ما يحبه و يرضى , و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
التصنيف: