وجدت النبي ولم أجد المدينة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]كمال عبدالقادر [/COLOR][/ALIGN]
حين أذهب للمدينة المنورة تكون نيتي هي زيارة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، كما أنني أعشق المدينة في أجوائها.. رونقها.. أناقتها.. جمالها.. ناسها، لكنني هذه المرة، للأسف الشديد، فقد زرت النبي، عليه الصلاة والسلام، لكني لم أجد المدينة المنورة.!!المدينة المنورة فقدت هويتها.. هدموا كل الحياة المدينية وبنوا كتلا خرسانية قبيحة المنظر صماء قاتلة، السؤال، أين أهل المدينة ورجالاتها عن هذا التهور في تخطيط المنطقة المركزية؟ كيف رضوا بأن تركوا المسجد الشريف يتيماً غريباً في هذه البيئة القاحلة غير الحضارية؟ .
الحضارات لا تبنى على الحاضر فقط، إنما على الماضي، فمن لا يؤمن ولا يحترم الماضي، حتماً سيكون حاضره هشاً ومستقبله مجهولا، ولا أدري هل يعي مجلس المنطقة دوره في هذه الإشكالية المفصلية أم أنهم يعملون على مبدأ \”كله تمام يا فندم\”؟ وإذا كان \”الأفندم\” موافقا على مبدئهم فليفصل من يؤمن به، ويأتي برجال أحرار من أهل المدينة المنور، وهم كنجوم السماء كثرة.
أعرف أن عدد الأسرة في فنادق المدينة في المنطقة المركزية 300 ألف سرير، لو افترضنا أن هذا الرقم هم الوحيدون في المنطقة، ولو علمنا أن المنطقة المركزية تخلو من المطاعم، فأين سيأكل كل هذا العدد؟!! فما هو الحال لو عرفنا أن عدد الزائرين المصلين في المسجد النبوي أضعاف هذا العدد؟!!
المطاعم الموجودة هي مطاعم الوجبات السريعة، طبعاً الازدحام فيها لا يمكن وصفه، هذا لو افترضنا أن كل الـ(300) ألف زائر سيأكل منها..!! أين يأكل كل هذه المجموعات الكبيرة من البشر؟ أي عقل يفكر لكي تكون هذه المنطقة كأنها متاهة يجوع داخلها ولا يجد ما يسد رمقه؟
أما موضوع الروضة الشريفة، أريد أن أسأل: إذا كان مسموحا للنساء أن يصلوا فيها، فما المانع أن تُعطى كامل مساحتها لهن أسوة بالرجال؟ لنخفف هذا المنظر \”البشع\” من النساء اللائي يتجمعن بأعداد هائلة ليتشرفن بالسلام على الحبيب عليه الصلاة والسلام والصلاة في الروضة الشريفة، طبعاً، هذا الموضوع قتل نقاشاً وحواراً ومازال المسؤول عن هذ المشهد على إستمرار هذا الإزدراء الذي تعاني منه كل نساء الأرض، باستثناء البعض منهم فلا اعتقد أنهن يعاملن المعاملة التي أهانت أمي وذلتها لكي تصلي في الروضة.
نأتي على قبر سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وموقع معركة أحد.. يا إلهي، كم نحن أمة تعبث بتاريخها بحماقة أو جهل أو تخلف أو كل هذه المنظومة، فقد تحول أرض المعركة إلى حزمة من البسطات التي تبيع المكانس والنعناع والشراريب والتمور..!! أما جبل الرماة، فإنني على يقين بأنه سيأتي يوم ويختفي، فلا يوجد أي مظهر من مظاهر الاهتمام به، وسيأتينا من يفتي بهدمه لأنه كان سبباً في هزيمة المسلمين في هذه المعركة، طبعاً، هيئة الآثار ليس لها أي وجود إطلاقاً.إذا كانت هذه المشاكل المفصلية لا تتدخل الجهات المعنية، فمن الذي يدير المدينة المنورة؟ طبعاً، هذا ما شاهدته، وما خفي كان أعظم، فلم أشاهد مدينة بدر، ومن المؤكد أن الإهمال يضربها من كل حدب وصوب، فلن تكون أهم من المنطقة المركزية.
أخيراً، ندائي لأهل المدينة الأبرار، شمروا عن سواعدكم وهبوا لإنقاذ ما تبقى من المدينة وأستحلفكم بالله أن تعيدوا لنا روح المدينة وجمالها ورقتها ورونقها.. فكل هذا جزء من خلايانا.. جزء من عشقنا.. جزء من روحنا.. جزء من تاريخنا.. جزء من قيمتنا.. فلا تهدروها، فليس لنا غيركم بعد الله، وهذا ماعهدناه منكم أيها الأنصار.. يا أهل أحب البقاع إلى الله عز وجل، وأنصحكم، ألا تخافوا وابعدوا عن المنافقين عنكم، فمن أهل المدينة مردوا على النفاق.
التصنيف: