[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]يوسف اليوسف [/COLOR][/ALIGN]

كثيراً ما نسمع أن فلاناً بلغ السن النظامية للتقاعد (ويا بخته .. فَضاوة وروقان) .. ومرات نسمع عبارات سخط على سنين عمره الذي ولى دون أن يحسب لذلك حسابا .. ولا ننسى أولئك البعض الذين ما أن بلغوا السن النظامي للتقاعد وبلغوا معه قمة الإحباط والانفعال لكونهم يفكرون في أنهم فئة بلغت السن الذي لا فائدة منهم فيه وأن عجلة السنين قد أوصلتهم إلى طريق قرب نهاية العمر، فلا طموح ولا أهداف ..
لقد سمعت عن دورات تدريبية حديثة بعنوان (الاستثمار في التقاعد) صُممت للذين هم على أبواب التقاعد من أجل شحذ هممهم وتقبل الحياة الاجتماعية بروح عالية والمساهمة في البرامج الاجتماعية وتنميتها وأن يكونوا أداة إيجابية، فتلك الدورات تتحدث عن أنهم خبراء بحكم السنين الطويلة التي أمضوها في العمل، وفي مراحل تدرجهم الوظيفي، اكتسبوا فيها تجارب وخبرات لا تقدر بثمن .. وأن عليهم استثمارها في تدريب الأجيال القادمة التي ستحل محلهم وتستلم مقاليد الأمور في العمل بدلاً عنهم ..
إلا أنه من المعروف أن للتقاعد في دول المتقدمة شأنًا آخر .. يفرح به صاحبه ويتمناه ويقول الآن بدأت الحياة عندي .. وبدأت أحس أنني أملك وقتاً ثميناً ملكي .. لقد منعتي الوظيفة والعمل من التفرغ التام لمشاريعي الخاصة أو الاجتماعية أو التجارية أو الرياضية أو الكتابة أو القراءة .. أو أن أشارك في جمعية مرضى كذا أو كذا .. فهم يتطلعون لذلك اليوم الذين يتحررون فيه من قيود الوظيفة ليترجموا خبراتهم وما اكتسبوه خلال سنين عملهم إلى إيجابيات ترضي طموحهم ..
أذكر قبل نحو ثلاثين عاماً أرسل أحد عمال (السكة الحديد) في إحدى البلاد العربية برقية لوزير النقل يقول فيها: (معالي الوزير: شاب رأسي، وانحنى ظهري، وضعف بصري .. وثقلت قدمي، ومازلت حبيس الدرجة الحالية .. أطلقوني أطلق الله ساقيكم يوم القيامة) فما كان من معالي الوزير إلا أن وجه باستثنائه وترقيته .. حفاظاً على بناء ذلك الإنسان الذي أوشك على التقاعد وقد أصابه هم التقاعد مع حالته الصحية وكأنه يقول: سأموت قاعداً فأرجو ترقيتي .. ولذلك لابد من تغيير هذه الصورة القديمة فأنت إنسان وحياتك تبدأ بعد هذا العمر ناضجاً وخبيراً ومستشاراً فلا تقل أنا (مت قاعدًا) بل قل (أنا خبير متقاعد/ ومستثمر متقاعد) فكما أعطيت وقدمت في حياتك الوظيفية فالحياة كلها ببرامجها وإيجابياتها في المجتمع تنتظرك.. فهل تبدأ لتستثمر في التقاعد؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *