هموم العالم والهموم العربية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح القلاب [/COLOR][/ALIGN]

الأزمة الاقتصادية والمالية التي تهز أركان العالم وتضربه بعنف وقسوة كانت مدار نقاش ومداولات وتبادل وجهات نظر على مدار يومين، من السابع والعشرين وحتى التاسع والعشرين من الشهر الماضي، في منتدى إنعقد في دبلن في آيرلندا لم يحضره من الدول العربية إلا المملكة الأردنية الهاشمية مع ان الدعوة لحضوره كانت وُجِّهت أيضاً الى مصر والجزائر وتونس والمغرب على أساس الشراكة المتوسطية.
كان الكلام الذي قيل في هذا المنتدى، الذي عقدته بصورة إستثنائية الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) التي تضم 317 برلماناً من خمسٍ وخمسين دولة، جاداً وعميقاً وبعيداً عن الخطابات الاستعراضية التي إعتدنا عليها في هذا الشرق المبتلى بداء الخطابات والاستعراضات الكلامية وكان معظم المتحدثين أساتذة جامعات ومختصين تركز همهم على تشخيص طبيعة الداء وأسبابه أولاً ثم بعد ذلك تحديد الدواء الذي يجب ان تشارك فيه دول العالم كلها.
الأسباب التي أدت الى هذه الكارثة التي شبهها كل المتحدثين بكارثة ثلاثينات القرن الماضي كثيرة أهمها وأخطرها الجشع الرأسمالي وعدم البحث عن التوازن الضروري المفترض المطلوب بعد انهيار النظام الاقتصادي الاشتراكي المستند الى النظرية الاقتصادية لكل من ماركس وانجلْز ولهذا فإن بعض \’\’فرسان\’\’ هذا المنتدى قد صبُّوا جام غضبهم على الرأسمالية الجديدة وطالبوا بتركيز الهجوم عليها حتى يصبح بالإمكان إجراء الإصلاحات المطلوبة للتخلص من هذه الأزمة التي غدت مستفحلة وخطيرة.
قال أحد المتحدثين أنه عندما تصاب المركبة (السيارة) بعطل طارىء فلابدَّ في البداية من فحص محركها وإذا ثبت أنه سبب الخلل فلابد من \’\’ فكِّهِ \’\’ وإصلاحه ثم إعادته الى مكانه وأكد هذا المتحدث على ان الحلول الترقيعية لهذه الأزمة التي تهدد العالم بما هو أسوأ وأخطر لا يمكن ان تفيد أو تجدي وأنه لابد من معالجات جذرية وحقيقية تنصب على جوهر هذه الكارثة ولا تكتفي بالتعاطي مع إنعكاساتها وإرتداداتها الزلزالية.
وبالطبع فإن هناك من بين الذين تحدثوا من كان متفائلاً، ولكن بحذر، بإمكانية تصحيح المسار وتحقيق الإنتعاش المنشود خلال عامين أو أكثر قليلاً وكان هناك من ذهب به التشاؤم حتى حدود الحديث عن عِقْدٍ بكامله وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه هو ان كل الذين تحدثوا إن بتفاؤل وإن بتشاؤم قد شددوا على ضرورة ألاَّ يكون الهدف هو العودة الى الأوضاع السابقة لأن الأوضاع السابقة التي كانت سائدة هي سبب هذه الكارثة فالإنطلاقة الجديدة المفترضة تتطلب إصلاح ما كان سائداً إصلاحاً حقيقياً وشمولياً تشارك فيه كل دول العالم.
كل المداخلات التي شهدتها اجتماعات هذا المتندى الدولي الهام، الذي شاركت فيه بالإضافة الى برلمانات أوروبا برلمانات مما يُسموُّن \’\’ الشركاء الآسيويون \’\’ كاليابان وتايلاند وكوريا الجنوبية وبرلمان روسيا وممثلون عن الكونغرس الأميركي وعن البرلمان الكندي، شدَّدتْ على أنه لا تجوز العودة الى الواقع السابق الذي خرجت من أحشائه هذه الأزمة الطاحنة وأنه لابد من الإصلاح الشمولي ليكون المستقبل واعداً وأفضل من ذلك الماضي الذي أورث العالم هذه الكارثة المأساوية.
إن هذه هي ملامح ما جرى في هذا المنتدى الهام الذي لولا الحضور الأردني لكان أهم ما ميـَّزه هو الغياب العربي عنه وحقيقة أن ما يبعث على الحزن وأكثر منه هو أنه بينما ان إنشغال العالم هو هذا الإنشغال فإن العرب ينشغلون بحروب ثأرية كحرب البسوس في العراق وفي لبنان وبين الأخوة الأعداء في الضفة الغربية وغزة وأيضاً في اليمن وللأسف وفي الصومال والسودان وموريتانيا.
الرأي الأردنية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *