هل يغرق البعض في صناعة التفاهة؟!!

منيرة المتروك

دانيلا مراهقة في الثالثة عشرة من عمرها قالت عنها أمها إنها “ungovernable and out of control“ أي إنها صعبة المراس ولا يمكن السيطرة عليها . إليكم جانبا من ممارساتها : سرقة بطاقة والدتها الائتمانية ومجوهراتها ، سرقة سيارتها ، الهروب من المنزل لأكثر من عشر مرات ، حفر عبارات خادشة للحياء عن والدتها على جدران المنزل ، بلاغات كاذبة عن والدتها ومنها تعاطيها الحشيش والماريغوانا .

أثناء اللقاء الذي جمعها بوالدتها في برنامج دكتور فيل قالت دانيلا إنها لا تخشى الشرطة أو العقاب أو أي شي !! دانيلا الآن أصبحت من مشاهير اليوتيوب ولاقت قناتها رواجا واسعا وأصبح لها العديد من الفانز والفولورز أو المتابعين ,بل إن قناتها الخاصة تحظى بخمسة آلاف متابع !! . وتقوم دانيلا حاليا بالتسويق لبعض المنتجات الأمريكية لأنها ترتدي ملابس وإكسسوارات وتضع مساحيق أكبر من سنها وتتصرف تصرفات خارجة عن الآداب.

بل وتتصرف تصرفات لا تليق بمن هم في سنها أبدا ومن هنا انطلقت شهرتها. حينما تقوم بسؤال أي طفل عن آماله وتطلعاته المستقبلية أو عن ماذا سيُصبِح عندما يكبر ؟ فسيجاوب الكثيرون: ” أتمنى أن أكون مهندسا أو طبيبا أو عالما ، فيزيائيا ، رائد فضاء أو رياضيا … الخ ”

فيما لو سألت احد أطفال البريطانيين فسيقول لك ” أتمنى أن اصبح مشهورا ” يقول الكاتب المبدع محمد الرطيان ” الشهرة سهلة : أخرج عاريا أمام هذا العالم ! المجد صعب : أنسج – وبهدوء – ثوب حكمة يستر عري هذا العالم ”
اختارت كيم كاردشيان وجيجي حديد وكندا جينر الخروج عراة للوصول إلى الشهرة من أرذل أبوابها .

يتحدث موقع ” stupid famous people” عن مجموعة كبيرة من المشهورين حديثا والذين وصلوا إلى ذلك سالكين طريق التفاهات .
وأنا اقرأ عن هؤلاء لمعت في الذاكرة أسماء مثل أبوسن ، فيحان … وغيرهم والذين للأسف تغوص مواقع التواصل الاجتماعي بأسمائهم وبلقطاتهم وتعليقاتهم . ولكن المخيف هو قيام إحدى المدارس في السعودية للأسف باستضافة أحد هؤلاء المشاهير لإلقاء محاضرة في أحد الفصول الدراسية !!

البروفيسورة السعودية غادة المطيري والتي اكتشفت معدنا يمكن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى “الفوتون ” بما يسهل معه الدخول إلى الخلايا دون الحاجة إلى عمليات جراحية ، بروفيسورة في الثلاثين من عمرها وتعتبر أول عالمة عربية مسلمة في مجال النانو التكنولوجي والتي للأسف لم تحظ بحقها من الشهرة حيث حصلت مقاطعها ثلاثة آلاف مشاهدة وتسع تعليقات فقط !!

محاولة إشغال المجتمعات بفئة الحمقى والتافهين صناعة بدأتها بعض الدول الغربية ولا زالت تمارسها لإشغال شعوبها ولتنفيذ أجندتها الخاصة بيسر وسهولة . تتحدث الكاتبة الأميركية فيستي برود في احد مقالاتها المشهورة ” stop making stupid famous” ان العامة يألفون مشاهدة هؤلاء الحمقى وذلك لأنهم يحبون تسلية أنفسهم بمشاهدة غرائب وحماقات هؤلاء أو ان العامة أصلا يحبون البلداء ويتعاطفون معهم !!

بل ان هؤلاء الحمقى الذين تجعل منهم مشهورين يطلقون عليك غبيا فلذلك من الاحرى أصلا التوقف عن متابعتهم أو تلميعهم . وعلقت فيستي على هذه الفئة “Talentless is the new Talented”!!اي ان الاخرق هو الموهوب الجديد !! ولكي تتلافى الولايات المتحدة خطأها الفادح أنشأت خان أكاديمي و” Ted talk ” وغيرها وهي برامج تستضيف مشاهير العلماء والفلاسفة أو حتى الحقوقيين وقد نالت استحسانا واسعا لدى الكثير . وهي خطوة أتمنى من فئة المثقفين الاستعداد لها ودراستها بشكل جدي كي نتلافى غرق الجيل الجديد بهذا الصناعة .

• كاتبة سعودية مقيمة في كندا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *