هل يختلف لون دم البشر باختلاف ألوانهم ؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]
بادرتني رشا صباحا بالقول إنها لم تعد تثق بما يرويه المنتصرون عن الحروب التي شاركوا فيها، ولا بما كتبه المؤرخون منهم عن الشعوب التي دارت عليها الدوائر فضربت – كادعاء المنتصرين – بأسلحة الدمار الشامل عقابا لها على بغيها وطغيانها ، وردعا لأمثالها من العبث في حقوق العباد، وذلك بعد وقوفها على ما صرح به رئيس أركان القوات الجوية اليابانية الجنرال توشيو تاموغامي أمام مائة من الصحفيين اليابانيين وهو يتحدث إليهم عن تاريخ اليابان والتعتيم الإعلامي الذي فرضه الأمريكان على مجريات الأمور لتشويه سمعة اليابانيين.
فقد تحدثت رشا قبل قليل مع الصديق الياباني على شاشة الإنترنت ونقل لها رؤية الجنرال لتلك الفترة العصيبة التي مرت بها اليابان. قال الجنرال أن أمريكا ضربت هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية، ولو كانت اليابان تملك تلك التقنية لردت على الفور وضربت الولايات المتحدة الأمريكية، فبلاده لم ترتكب أي عدوان على جيرانها الآسيويين، ووجودها في شبه الجزيرة الكورية والصين كان بموجب اتفاقات ثنائية، وما يقال عن ممارسه اليابان لأعمال وفظائع في الحرب فإن الطرف الآخر مارس أعمالا أكثر فظاعة ووحشية، وخير شاهد ما حل بهيروشيما وناغازاكي.
كانوا قادرين على إخفاء الحقائق والتعتيم على ممارساتهم وفظائعهم وهم يكتبون تاريخ هذه المنطقة من العالم ، و فرضوا على مطبوعاتنا رقابة مشددة ، ومنعوا نشر أي آراء لصالح اليابان أو انتقاد للحلفاء ، وأجبرونا على نصب محاكم طوكيو، ومارسوا علينا غسيل المخ على مدى 63 عاما منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى انتهت الحرب الباردة، ومع هذا ، وبعد خسارتنا الحرب ، ساهمنا في بناء ست جامعات في كوريا وثماني جامعات في تايوان ، وأتحنا للصينيين وللكوريين فرص دخول الأكاديمية العسكرية اليابانية حيث عوملوا كما يعامل اليابانيون، على نقيض معاملة البريطانيين والهولنديين للهنود والاندونيسيين.
وتستنج رشا من تصريحات الجنرال ما لتوازن سلاح الرعب من قدرة على إبعاد شبح الحروب بين الدول المتكافئة بالسلاح، وأنه لو كانت لدى اليابان أسلحة ذرية مماثلة لتلك الأمريكية لما غامرت أمريكا بضرب هيروشيما وناغازاكي، وأن تملك الدول المتنازعة للسلاح النووي من شأنه إبعاد كل منهما عن القيام بحرب مدمرة كما هو الحال بين الهند والباكستان بسبب القضية الكشميرية.
وهنا تناولت رشا أعمال العنف التي شهدتها مدينة بومبي مؤخرا وكيف أن البلدين يعملان على التعاون في التحقيقات ، فتصرح الهند باستبعادها شن حرب على الباكستان ، وتبدي الباكستان استعدادها للمشاركة في التحقيق لمعرفة الفاعلين . ما كان هذا ليتم لو انفردت إحداهما بتملك السلاح النووي دون الأخرى، وبالتالي لو أن دولة عربية واحدة ملكت السلاح النووي لما مارست إسرائيل أعمال العنف والقمع الشنيعة في فلسطين وتشبثت بالأرض وضربت عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية.
ولم تنس رشا في نهاية حديثها معي أن تشيد بموقف حكومتها الأسبانية عند إرسالها طائرة إخلاء طبي إلى بومبي لنقل مواطن اسباني مع زوجته كانا يقومان برحلة سياحية وتصادف وجودهما داخل فندق تاج محل عندما اقتحمه الإرهابيون ، فأصيب الزوج في وركه ورئته عندما رمى نفسه فوق زوجته لحمايتها فجاءت إصابتها بسيطة، ونقلا في وقت متأخر إلى المستشفى والزوج قد فقد الكثير من دمه، واهتمت السفارة الأسبانية بالجريحين فرفعت عن حالتهما للحكومة في مدريد وتم إرسال طائرة إخلاء طبي لنقلهما إلى أسبانيا، لكن الزوج عاوده النزيف في الطائرة فقرر الأطباء الهبوط في مطار لندن ونقلوهما إلى أقرب مستشفى للعلاج، وتتساءل رشا : أين يقف المحتل الإسرائيلي وهو يعمل بالحصار على انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفيات غزة فيعرض المرضى والجرحى للموت، ويمنع دخول بواخر محملة بالغذاء والدواء من دخول الميناء فيزيد من معاناة المحاصرين الصامدين، أين ذلك من الموقف الإنساني الذي اتخذ في حق الجريحين الأسبانيين؟ ترى هل يختلف كثيرا لون الدم الأوربي عن لون الدم العربي؟
التصنيف: