هل هي مناهج أم كشكول .. يا وزارة التربية؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]
أود أن أعقِّب على ما نُشر في جريدة الوطن ليوم الأحد الموافق 23 ربيع الآخر لعام 1430هـ العدد (3134) وبالتحديد بالصفحة (23) من الجريدة تحت عنوان: (عبثُ المناهج.. يسألُ طالب الابتدائي.. كيف تعرف المرأة التي ستنجب أكثر؟).
حيث يردف قائلاً ولي أمر الطالب بالصف الخامس الابتدائي (أنا بصفتي ولي أمر أحد الطلاب بالصف الخامس أُطالب الوزارة بإعادة المراجعة والتعقيب والكفّ عن الاستهتار بمسئولية التربية والتعليم للأبناء فهم عدة المستقبل وحصنه المنيع). كما يقول أيضاً: (كما أطالبها بالإجابة عن هذا السؤال: \”كيف تعرف المرأة التي ستنجب أكثر؟\” أو محاسبة المسئول عن وضعه ضمن مقرر الجغرافيا للصف الخامس الابتدائي).
كتربويين لا نشكُ أن غلطة المعلم هي غلطة أجيال فكيف يكونُ الحال إذا كانت غلطة مناهج لسنين عديدة للبنين والبنات. فعلاً لنا الحق أن نُذهل إلى ما وصل إليه حال أبنائنا وبناتنا ضمن مجموعة واضعي المناهج ومؤلفوها ومراجعوها؟ ولنا أن نتساءل هل كل هؤلاء من المؤلفين والمراجعين تخطّوا هذا السؤال وهذا الخطأ الشنيع! ومن الغريب والمفزِعِ أيضاً أن الجريدة وضعت أسماء المراجعين وقد لاحظتُ أن غالبيتهم يحملون درجة الدكتوراه في تخصصاتهم. ولكن أقولُ إن مادة الجغرافيا كما نعرفها وتعلمناها في مدارسنا وفي مناهجنا كانت تُعنى بالمواقع والخرائط والاتجاهات ونشاط السكان والمناخ. إلا إذا تغيّر الحال ونحن لا نعلم. فهذا شأنٌ آخر. وإذا حصل هناك التباس في تدخل المواد الدينية في الجغرافيا فهذا خطأٌ يجب أن يُحاسب عليه المسئول لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (تزوجوا الودود الولود)، وهذا بالطبع لا يتفق مع منهج الجغرافيا بأي وسيلة فالمواد الدينية لها مقرراتها وتتسع لمثل هذا السؤال وأكثر أما الجغرافيا فهي محدودة المعنى والمضمون. ويجب أن تراعي هذه المناهج ما يتناسب مع مرحلة الطالب الدراسية ومستوى نموّه كما أن من أهدافها تنمية الوعيّ بأهمية هذه المصادر وأساليب الانفتاح بها والحفاظ عليها وحُسن استغلال البيئة والثروات الطبيعية وهناك أيضاً جزءٌ يتصل بالثقافة الاجتماعية التي نعتبرها كمجتمع مسلم محافظ منبعاً لإتجاهاتنا وقيمنا التي تشكل سلوكنا
وجدير بنا أن نسأل واضع هذا السؤال: (كيف تعرفُ المرأة التي ستنجب أكثر!) حتى يمكن أن يجيبنا عليه وفق الطريقة التي سألها الطُلاب؟ منذُ متى أصبح التلميذ كشكولاً أو قارئ فنجان يعرف من وجوه النساء أيهما أكثر إنجاباً ومنذ متى أصبحت الجغرافيا تتدخل في المواد الدينية! ولا أعفي في هذا المقام المدرسة والموجهين والموجهات والمعلمون. فالمنهج وحدة مترابطة متكاملة تسعى لخدمة الفرد والمجتمع وهذا ما يبرهن لنا بأن مناهجنا لا زالت ارتجالية تعتمد على حشو أذهان التلاميذ بمعلومات قد تكون تافهة مضحيةً بكل الأهداف والقيم ولذلك نجد أن الطالب عندما يتخرّج أو ينهي دراسته سرعان ما تتبخر؟ على الرغم من مضي سنوات من عمره في تحصيلها. إن الخروج من واقعنا الحالي الذي وصلنا إليه يتطلب من الوزارة الموقرة الحزم والمتابعة ومعاقبة المتسبب لإهمال دوره ووظيفته في تأليف أو مراجعة هذه المناهج كما يتطلب الأمر أن تقوم وزارة التربية بدورها الحقيقي في المساهمة في بناء الوطن الصالح الملتزم بقيمه وأهدافه نحو إعداد المواطن المزوّد بالمهارات اللازمة له ولمجتمعه حيث أن من أهداف المدرسة إعداد المواطن القادر على التخطيط والتفكير العلمي البنّاء لا أن يكون عالةً يضيع بين واضعي ومراجعي المناهج، فنحن بحاجة ماسة لمواطن يقفُ على قدميه ثم يسير في ركب الحضارة والتقدم الإنساني الذي نشاهده اليوم في الدول الإسلامية المجاورة لنا، وهذا يتم عن طريق مواطنين مُخلصين أوفياء لوطنهم مزودين بالعلم والإيمان وحب الوطن. وزرع الغيرة والحمية الوطنية في نفوسهم من خلال الأداء والتفكير الإبداعي لا بالحشو والحفظ والاسترجاع الأعمى والأخطاء الشنيعة.ومن هنا أصبحت كلمة منهج مرادفة لمنهج مقرّر دراسي. وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهج أعمّ وأشمل من استخدام كلمة مقرّر. وللأسف لا زال الكتاب المدرسي اليوم يحظى بالقدر الكبير من المصداقية ويعتبر المصدر الأساسي لتزويد الطلاب بالمعلومات ولو كانت خاطئة كما رأينا. وماذا ننتظر من هذه المناهج.. المقررات المفروضة التي فرضت على أبنائنا وما هو العائد من تدريسها إذا كانت لا تفي بحاجات المجتمع. نسأل هذا السؤال للوزارة الموقرة.
التصنيف: