هل نجح أوباما في اختراق مشاعر الكراهية لأمريكا؟

• ناصر الشهري

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]

في خطابه الموجه إلى العالم الإسلامي، والذي ألقاه في جامعة القاهرة يوم الخميس الماضي، لم يكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعيدًا عن سياسة الحزب الديمقراطي الذي يأخذ في الاعتبار تجسيد مبادئ الحزب فيما يتعلق بالعنف وحقوق الإنسان وحرية الأديان والإمساك (بمنتصف العصا) أمام الأزمات السياسية والعلاقات مع مناطق التوتر بأسلوب أقل حدَّة من رؤساء الحزب الجمهوري. هكذا حاول الرئيس أوباما أن يكرِّس سياسة الديمقراطيين التي تعودنا أن تبدأ في صورتها (الناعمة) مع السنة الأولى من الدخول إلى البيت الأبيض، غير أن الأغلبية في مجلس الشيوخ ما تلبث أن تخلط الأوراق وسط تراجع تدريجي للديمقراطيين، وهو ما شهدناه في مرحلة رئاسة بيل كلينتون الذي بدأ ولايته كرئيس ديمقراطي في صورة حمامة سلام قادمة إلى الشرق الأوسط، وعندها ساد الاعتقاد أن الرجل سيعالج تركة سلفه جورج بوش الأب وتأثيرها في المنطقة العربية، ومعها قضية فلسطين طبقًا لوعود الرئيس الديمقراطي (الوسيم) إلاَّ أن كلينتون قد وجد نفسه غير ملزم بقناعاته أمام ضغوط الحرس القديم وتأثير اللوبي الصهيوني داخل الكونجرس الأمريكي، وهو ما دعاه إلى إطلاق عمليته (ثعلب الصحراء) ضد العراق من ناحية، وفشله الذريع في منع العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وإيقاف بناء المستوطنات من ناحية أخرى. وإذا كان أوباما قد ركَّز في حملته الانتخابية على قضيتين أساسيتين تواجهان أمريكا في الجانب الاقتصادي الداخلي وحروب الخارج من الناحية العسكرية، وتأثير ذلك على منظومة المؤسسات الأمريكية؛ فإنه كان ذكيًّا بتوجهه للعالم الإسلامي في محاولة لتهدئة المشاعر مستخدمًا أصوله الإسلامية وما يحفظه من بعض ما ورد في القرآن من معانٍ سامية، وهو ما يكسبه عواطف وثقة أمة ترى أن أمريكا خلف كل مشاكلها، ولكي تكون هذه التهدئة بمثابة فرصة زمنية لإعادة ترتيب أوراق البيت الأبيض. وبالتالي يمكن القول: إن أوباما قد حقق شيئًا من اختراق مشاعر الكراهية خاصة عند المتطرفين، وذلك منذ بداية خطابه في جامعة القاهرة حين بدأ بتحية الإسلام. ورغم أن الخطاب كان أقرب إلى أسلوب العلاقات العامة، وهو ما توقعته في مقال الأسبوع الماضي، إلاَّ أنه قد نجح في تقديم نفسه (طبقًا للمواصفات والمقاييس) التي تتفاعل معها المشاعر العربية. ومع كل هذا، وبحجم التصفيق الحاد الذي دوى في جامعة القاهرة لخطاب أوباما ـ والذي كان بمثابة استفتاء على قبول مفرداته ومضامينه ـ فإنني أوافق على الانضمام إلى كوكبة المصفقين.
ولكنني سأطرح بعض الأسئلة، ومنها: هل يستطيع أوباما فرض تسوية سلمية على إسرائيل بعيدًا عن المتشددين داخل الإدارة الأمريكية لصالح تل أبيب؟ وهل يستطيع إيقاف المستوطنات وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين؟ ثم هل يستطيع الرئيس الأمريكي الجديد تجريد إسرائيل من أسلحتها النووية؟ ومتى؟ وفيما يتعلق بالعراق: ألا يرى أوباما أن الموعد الذي أشار إليه للانسحاب في عام 2012م هو موعد بعيد يقترب من نهاية ولايته الأولى للرئاسة؟ وماذا يمنع من استخدام البند الخاص بالأمن القومي الأمريكي لاختراق هذه المادة التي وضعها سلفه بوش عقبة في طريقه قبل الرحيل؟ والأهم هنا في كل ما تقدم من الكلام لابد أن نبحث عن النتائج في منتصف الطريق وصولاً إلى نهاية المطاف، وذلك من خلال تحرك عربي مختلف ينطلق من اختبار مصداقية الإدارة الأمريكية الجديدة، دون البقاء تحت تأثير خطابات التخدير لقضايا أثقلت كاهل الدول العربية كان ومازال أساسها قضية فلسطين. باختصار يجب أن يكون هناك استغلال عربي سريع لطرح الرئيس أوباما قبل أن تخترقه قادة إسرائيل ومن يعرفون (بصقورها) داخل الإدارة الأمريكية في شكلها البرلماني والعسكري، ومن ثم فإن نتيجة هذا التحرك العربي المطلوب ستكشف حجم المرحلة الجديدة في البيت الأبيض ومدى المصداقية التي يمكن رؤيتها وانعكاساتها على الأرض.. وليست حلول (بروفات) يبقى تنفيذها مرهونًا بجنرالات الحرب في تل أبيب.
وما أخشاه هو أن يبقى العرب تحت تأثير خطاب أوباما حتى تنتهي ولايته، في حين سوف نشهد ما تحمله هذه المرحلة من تحولات تفرضها خارطة المخابرات الأمريكية وليس الرئيس.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *