هل ستصلح الكتابة ما أفسدنا بأيدينا؟
محمد أحمد عسيري
في جولة سريعة على صحفنا الصادرة محليا اكتشفت من خلال ما يُكتب ويتناوله الكُتّاب في أعمدتهم أن لدينا تسونامي مشاكل ينذر بفيضانات قد تجتاح عقولنا وتشلها عن التفكير وتزيغ قلوبنا عن الشعور بلذة السعادة.
الكل يكتب، والكل يطرح حلولاً، والبعض يستجير من الرمضاء ببضع كلمات يسلي بها الخاطر كما يفعل العبد الفقير إلى ربه.
لا شك أنها الحياة فلا راحة أبدية فيها ولا نعيم دائم.. فمهما حاولنا تطويقها وشل حركتها لنستخلص منها الشهد قابلتنا بحرارة إبرها القاسية.
وأنا أتجول بين الأخبار والمقالات والغم والنكد خرجت بانطباع يقع الشك واليقين، بين المعقول واللا معقول.. ذهلت من أن جل مشاكلنا التي تبكينا صباحاً ونلعنها مساء هي من صنيع أيدينا نحن بني البشر !
عجيب أمرنا ! خُلقنا لتعمير الأرض وملئها خيرا وسلاما ومحبة، فملأنها إشكاليات وتعقيدات عادت علينا بالوبال.. حتى أنه لم يعد لنا ما نهتم به غير مطاردة الكآبة وأصوات النحيب أينما حلت.
وبعد.. هل تغير الحال إلى الأحسن بعد إراقة كل هذا الحبر على مساحات البياض الذي لو تركناه على طبيعته لجعلناه خلفية ناصعة للحياة تجملنا قليلا حتى ولو كانت خلفية زائفة ؟
مكتوب علينا خوض صراع البقاء في ظل أنياب مسنونة ومخالب متحفزة.. فما أن نفرح بالقضاء على مشكلة وهم، وانتصار كاتب ومقال.. حتى تنبت الأرض من حولنا ألف هم وغم.. لنعود من جديد نبكي صباحاً ونلعن الظلمة مساءا.
صنيع أيدينا.. عصارة مخلفات الحياة، ضريبة النفس الأمارة بالسوء والركض خلف وسوسة الخناس. تجردنا من فطرتنا ولبسنا كل شيء مزيف ورفعنا شعار المدنية الشاحبة. لم نكتفي بما قسمه الله لنا فنظرنا ليد الجار فسال لعاب الفحش، والتهبت في النفس نار لا قدرة لنا على تداركها.
نسينا وتناسينا أن كل شيء مخلوق بقدر، فلهثنا خلف أقدار مهترئة نسجناها من خيال. وماذا بعد..؟
كتبنا وكتبتم، بكينا ولعنتم، ركضنا وتعبتم .. و ماذا بعد..؟
إنه ابتلاء الخالق عز وجل لهذا الإنسان الضعيف الذي يظل يكابد ويكابد من أجل البحث عن ملاذ وأمان، ولا يدري أنه ماضٍ في طريق قد وضعت كل دلالاته…
هذه المكابدة التي تبدأ منذ قطع الحبل السري وتستمر حتى موعد القرار بجنة أو نار.. وما بينهما طريق طويل وعقبات.. زلات وسقطات وصنيع يجني من خلاله الخير وصنيع لا يلبسه غير الويلات.
هذه بعض التأملات العابرة التي قبضت عليها من خلال عبوري بين الهموم اليومية ومشاكل الإنسان لأخيه الإنسان.. وستظل الأقلام تركض خلف التقويم وبعث روح الصلاح من بين رماد المستحيل والممكن.. فهل ستصلح الكتابة ما أفسدنا بأيدينا ؟ سؤال للتأمل.. أما الإجابة فهي لدى عالم الغيب سبحانه.
[email protected]
التصنيف: