هل دخل وزير التعليم قاعة الامتحان

• عبدالرحمن آل فرحان

“لا بد أن يستمر زخم تقدير ومساندة المعلم ومنحه حقوقه المعنوية والمادية وتخفيف نصابه؛ ليتاح له الحصول على التدريب المستمر ، ومن الإجحاف لوم المعلم أن تمّ تعيينه معلماً فهذا المتاح له، ومن الظلم انتقاد المعلم لضعف تأهيله، فليس مسؤولاً عن مسار تأهيله” ، هذا نص لتغريدة اخترتها من مجموعة تغريدات سابقة لوزير التعليم الجديد ( د.عزام الدخيل ) ، وهي وبقية تغريدات معاليه تعد من أكثر الرسائل تداولاً بين أوساط المعلمين هذه الأيام ، ما يدل على أنه قد حظي بقبول كبير وترحاب منقطع النظير مقارنة مع بقية الوزراء الجدد الذين حازوا مؤخراً الثقة الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله في التشكيل الوزاري الجديد ، والسبب لا أظن أحداً قد يخطئه ، نعم إنها تلك التغريدات التي رأى المعلمون أن مدلولاتها تأتي في سياق إيجابي مختلف عما اعتادوا عليه من سياقات سابقة ، وباعثة على الارتياح من توجهاته وتطلعاته خاصة حول ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المعلم ووزارته ، فمن خلال النص أعلاه نجد في عبارة ” لابد أن يستمر زخم تقدير ومساندة المعلم ” تأكيد التحيز  للمعلم وحاجته للغة التقدير سيما من قبل الوزارة ذاتها ، فما كان يكتب عن المعلمين في الصحافة طيلة السنوات الماضية لم تكن ( في الغالب الأعم ) سوى عبارات مبهمة فضفاضة لا تخلو من كلمات التقريع والملامة ، وتوصيفات في مجملها تربط المعلم بالكسل واللامبالاة ، وهذا التحيز المقروء في بداية تغريدة الوزير ( الدخيل ) تؤكده بقية التغريدة فقوله مثلاً  :  ” ومنحه حقوقه المعنوية والمادية ” خرج الدخيل من إطار التحرز المعتاد فيما يخص ( حقوق المعلم ) ، وهذا مسار جديد يطرقه الدخيل بكل جرأة ويعلن عنه ، وكأنه يؤكد على أن البوابة العريضة لمحاسبة المعلم هي من خلال استيفاء حقوقه المكفولة نظاماً له ، وبغير ذلك يعد التعاطي مع المعلم تعسفاً وإكراهاً يجعل بالتالي مهنة التعليم مهنة طاردة ومملة وغير قابلة للحياة ، والدليل على ذلك ما نقرأه في هذه العبارة من نص التغريدة : ” وتخفيف نصابه؛ ليتاح له الحصول على التدريب المستمر ” ،حيث اختصر هنا صفحات طويلة ومعقدة من مطالب المعلمين طيلة العقود الماضية حول الأعباء الملقاة على كواهلهم ، ففي الوقت الذي كانت تلح فيه الوزارة على المعلم بضرورة التطوير من ذاته ومهاراته وأدواته ، وتطالبه بالإشراف الدائم على أروقة وميادين المدرسة قبل بدء اليوم الدراسي وأثنائه وفي ختامه ، وتطالبه بتغطية الحصص التي يتغيب عنها زملائه ، وتطالبه بإقامة النشاطات اللاصفية والبرامج الإبداعية والخلاقة والمبتكرة ، وتطالبه بتوثيق كل صغيرة وكبيرة في ملف إنجازاته ، كانت ولا زالت ترفض أشد الرفض مجرد النظر في ذلك الصنم المسمى ( النصاب ) ، لكن الدخيل هنا فيما يبدو قد أدرك ألا مجال لأي تدريب جيد من غير تخفيف تلك الأعباء ، إلي غير هذه المضامين الجميلة في بقية نص التغريدة أعلاه ، وباقي التغريدات الأخرى للدكتور الدخيل تحت وسم ( مع المعلم ) في تويتر ، لكنها رغم جمالها لم تزل تغريداته قبل أن يصبح وزيراً للتعليم ، فماذا عن تغريدات ما بعد الحقيبة الوزارية ؟ أو بالأحرى .. ماذا عن ترجمة تلك التغريدات على أرض الواقع ؟ إنه الاختبار الصعب الذي بات على الوزير اليوم تجاوزه بعد أن دخل قاعة امتحانات المسؤولية يوم قبل أمس بقصر اليمامة بين يدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله .. كل الدعاء لمعالي الوزير الدكتور عزام الدخيل بالخروج موفقاً مما نظنه أهلاً له.

 

[email protected]
twitter: @ad_alshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *