هل تغيّر ليبيا وجه المغرب العربي؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد اللطيف الزبيدي[/COLOR][/ALIGN]

ما حدث في ليبيا من انتقال سلميّ للسلطة، كان مفاجأة للجميع. يكاد لا يوجد محلّل أو مراقب لم يخطئ في حساباته التشاؤميّة. ولأيّ كان الحق في الاحتفاظ بقدر من التحفظ، إلى أن نستبين الأمر ضحى الغد.
ما يبرّر التحفظ هو أن ذلك البلد الشقيق انقلب على ما كان عليه طوال عقود الكتاب الأخضر، مئة وثمانين درجة. وبعد شهور طويلة من الصفحات الحمراء، عاد وانقلب على حالة الفوضى مئة وثمانين درجة، لم يكن يتصوّرها أحد.
يستطيع التاريخ في نظري أن يعيد نفسه، ولكنه لا يستطيع أن يستنسخ نفسه. نهر الزمن لا يعبره المرء مرّتين. الدكتاتوريات التي تأتي بها الثورات لها ألف نسخة في التاريخ.
ومن المساوئ الفظيعة في الثورات، أنها تفجّر الاستعجال في الأذهان فجأة، وقد صبروا من قبل وتحمّلوا الويلات طوال عقود. والآن، وقد زرع عود الكرم في الأرض، يريد ظهور العناقيد فوراً بضغطة زرّ. هذا ممكن في فن الغرافيك، وبرمجية المايا.
لقد رأينا ما حدث في العراق جرّاء استعجال الغنائم. إلى اليوم لم يستقم الظل، لأن العود أعوج، ولأن الطمع كالانتهازية أهوج.
لن أتسرّع في التفاؤل، ولن أقع في انعدام الواقعية بالتشاؤم، ولكن الحقيقة هي أن ليبيا إذا حققت الأمن والاستقرار، فسوف يتغيّر وجه المغرب العربي. من ليبيا إلى موريتانيا، يستلقي الشمال الإفريقي على خمسة ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع. ويمتد الحلم ليشمل مصر والسودان، وتصبح المساحة ثمانية ملايين ونصف المليون، بعد حذف جنوب السودان طبعاً، إلى أن تعود الأندلس فنعيده إلى القائمة والمجموع.
لا يوجد مستحيل مع وجود مئات الألوف من العقول والخبرات، وبحار الخيرات، وتنوّع الخيارات. يقال: إن أركان التاريخ ثلاثة: الزمان والمكان والإنسان. والمشكلة يقيناً في ابن آدم؛ فإذا كان إيجابياً أضاف طاقته إلى الطبيعة فأقام الحضارة، وإن كان سلبيّاً جرّ على نفسه ومحيطه الوبال.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *