ما ان استبشرنا بنصر قريب في شؤون المرأة السعوديَة، وتحديدا عملها الذي ضمنته لها المادة الثامنة والعشرون من النظام الأساسي للحكم بلا تمييز ولا تعجيز، حيث صدر قرار وزارة العمل بإلغاء شرط موافقة ولي الأمر في عقد عمل المرأة في القطاع الخاص بعد طول انتظار، حتى خابت الآمال وقتلت الحقوق مرة أخرى عندما اصطدم القرار بأرض التَنفيذ، السِيناريو ذاته الذي يتكرَر في كثير من قرارات الوزارات. لنتذكر سويَا قرار الوزارة للحد الأدني في أجور المعلمات في المدارس الخاصَة، والذي تحايلت عليه المدارس بتوقيع المعلِمات على عقود صوريَة بالحد المشروط مع الرضاء باستلام نفس الراتب الزهيد السَابق، وإلا يهدَدون بإنهاء العقد في حال الإعتراض أو التَضييق عليهن في حال تقديم شكوى للوزارة. لم يلتزم القطاع الخاص بقرار إلغاء موافقة ولي الأمر واستمرَ في تطبيقه، وهذا كان متوقَعا نوعا مَا، ولكن ما لم نتوقَعه هو ردة فعل رئيس فريق العمل الإشرافي على الأعمال الميدانية في مكاتب العمل في المملكة المشرف على بيئة عمل المرأة في القطاع الخاص سعود الصنيتان عندما طلب منه تعليق على الموضوع فذكر بأنه مع أن الوزارة لم تعد تلزم المرأة بموافقة ولي أمرها للتوظيف إلا أنه من حق جهة العمل تحديد شروط العقد الذي بينها وبين العاملة، وأضاف: «بعض المنشآت تعرضت لمشكلات، فاشترطت موافقة ولي الأمر كحل وحماية لها». عذرا أظنُنا بحاجة إلى شرح مبسَط للمشاكل المقصودة.. فولي الأمر لا يملك أن يتسبَب بمشكلة للمنشأة إن كان نظام العمل في صفِها بهذا الخصوص! وماهي الحماية التي يشير إليها والتي تتحقَق بوضع مصير المرأة ووظيفتها بيد رجل لا يعلم نوعه من الرجال، وكأنها ملك يمينه يفعل بها ما شاء؟
وهنا أقول وكلِي ألم: هل تجدون عدالة في أن تتعلَم المرأة وتتفوَق وتتخرَج فيأتي من يمنعها من العمل وقطف ثمار علمها؟ هل تجدون عدالة في أن تكمل طالبة طب دراستها المضنية وتعمل كطبيبة وتفني سنينا من عمرها وهي تتقدَم بجهدها في المراكز العملية، فيأتي يوم تستحيل فيه الحياة مع زوجها، وتتقدَم بطلب خلع لرفضه تطليقها عندا، فيزور مقر عملها – والذي وافق عليه مسبقا – ليعلن إلغاء موافقته وإلغاء عقدها بنفس اللحظة نكاية بها؟.. ياأيها المؤمنون : هل تجدون عدالة في قصَة مبتعثة يتيمة الأب يرافقها أخوها الأصغر كولي لأمرها ويصادر مستحقاتها الماديَة حتى أمسكت يدها، فسخط عليها وألغى موافقته وبعثتها وعاد بها؟.. ومرافق آخر يذهب عقله كل يوم بينما تسهر زوجته وتدرس، ثمَ تنكر عليه فيطلِقها ويلغي علمها وعملها وحياتها الزوجية وبمعنى آخر حياتها.. تترك المرأة عملها أو دراستها لأن ولي أمرها يريد ذلك، فإن مات أو طلَقها أو ظلمها بعدها، من سينفق عليها وعلى أولادها ومن أين تبدأ وهي بلا علم ولا عمل ولا سند! أسألكم بالله أن تصدقوا مع أنفسكم وتجيبونا: هل ترون العدالة هكذا؟..
يا وزير العمل الكادح، نشهد لك بعدالتك في قرارات مكَنت بها ابنة وطنك ورفعت بعض الظلم عنها ونسألك بالصِيغة الشَائعة.. بصيغة معادي تمكين المرأة: هل ترضاه لأختك..؟
@tamadoralyami
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *