هل الدراهم مراهم؟!
[COLOR=blue][ALIGN=LEFT]بقلم: محمد أحمد الشدي[/ALIGN][/COLOR]
في الخليج مهما تطورت مجتمعاتنا أو كثرت الجامعات وارتقى المستوى الثقافي فإنه سيظل عندنا التمسك والاحتفاظ بالكثير من الالفاظ الدارجة والمحببة الى نفوس السواد الأعظم من الناس ومن أفراد هذه المجتمعات بل انك أينما ذهبت في عالمنا العربي فانك واجد الكثير من الكلمات الشعبية المستعملة يوميّاً في لغة او لهجات هذا البلد او ذاك هذه ليست مقدمة اعتذارية وانما تبرير وشرح لما سيحمله هذا المقال من معانٍ واهداف مع انني لست مع مضمون هذا المقال ابدا.. ولا احبذه كنهج او سلوك او حتي لغة ولا اعتقد ان المال هو كل شيء في هذه الحياة ولا يمكن ان يصنع هذا المال الرجل (السنافي) الكامل او الرمز الاجتماعي البطل الشهم كما تقول هذه المقولة الشعبية او شبه القضية الاجتماعية.. ولا اعتقد ان المال ايضا هو الذي يجعل من الرجل ذلك الكريم الفارس الشجاع السنافي كما هو معروف لدى عرب الجزيرة الذي يلبي حاجة ربعه واهله بكل نفس طيبة ويغيث الجار ويشفي غليل المكلوم الذي ظلمه الزمان فلجأ اليه لينصره وليقف معه ضد عاديات الزمان.
ولا اخال هذه الطباع الا طباع العرب كافة. وان تفاوتت من بلد الى آخر ولكن الذي جعلني اضع هذا العنوان لهذه المقالة هي تلك الجلسة التي جمعت بين اثنين من الاصدقاء فرقت بينهما معركة الحياة الشرسة وطلب الرزق ردحاً من الزمن وبعد التفرق التقى كل منهما بصديقه وشقيق روحه وبعد حديث متشعب (شرقوا فيه وغربوا) من سؤال عن الدنيا والابناء وما الى ذلك الى كبر حجم الثروة قال احدهما: صدقت يا صاحبي فقد قلت الحقيقة لقد عذبنا هذا المال في السعي من اجله ثم اذا حصلنا عليه قاتلنا من اجل المحافظة عليه ولسان حالنا يقول: المال عديل الروح.. وامتد بنا الامل اكثر واكثر وركضنا لا نلوي على شيء لزيادته وتربيته ناسين كل واجباتنا الاجتماعية والعائلية واصبحنا في حقيقة الامر شئنا او ابينا عبيدا لهذا المال الذي كان المفروض ان يصبح خادما مطيعا لنا لا ضدنا وعلينا مما يجعلني ياصديقي في حالات تمر بي اتمنى الفقر الذي كنا سعداء به لأننا بتلك البساطة الحلوة نتقابل ونتزاور بنفوس راضية تملؤها القناعة والرضا بالمقسوم.
فلما سمع صاحبنا كلام صديقه نظر اليه شزرا ورد بكل عصبية وهو يلوح بكلتا يديه (الدراهم تودعنك سنافي يا الخبل) اعوذ بالله يا اخي انا لا اريد الفقر هذا! خذه هو لك وحدك ونفض عباءته وخرج تسبقه كلماته.. الفقر لا حول ولا قوة الا بالله يا الله اني داخل عليه والله الزيارة اللي ما وفقت يا صديقي تضربها من البحر الى البحر ومن البر الى السماء ونجمعها من افواه الذئاب ومن بطون الاسماك ثم تقول الفقر احلى! جرى لعقلك شيء.. تذكر يوم ان الواحد منا اذا شبع جراد او تمر او سمك سجد لربه شاكراً.. وتقول ليت بالفقر اسكت وخل الفقر لك.. مع السلامة.. اشوفك على خير.. وتمدد في مرتبة سيارته الفخمة ولوح بتحية الوداع وهاتفه الجوال بيده وهو يحوقل على نفسه ويربط حزام الامان ويغلق جيدا زجاج النافذة ثم تكور داخل نفسه وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة وابتلعته شوارع المدينة الغارقة في الاضواء وراء مباهج الحياة والبحث عن ملذاتها وطبعاً مفتاح هذه المطالب المال الذي استعبد البشر!!
التصنيف: