[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

كانت من ذلك النوع الذي يعشق ان يكون كل شيء نظيفاً , عندها \”وسواس\” نظافة.. كانت من حرصها على تلك النظافة ان تدس تحت طرف السجادة .. أو في اسفل الكنبة عود ثقاب لا يكاد يبين.. ثم تأتي في اليوم الثاني لترى هل قلبت السجادة .. أو تحرك كرسي الكنب.. حرصها هذا على ان يكون كل شيء.. ناصعاً وبراقاً.. ينبع من داخلها لأن قلبها كان نظيفاً ايضاً.. بجانب ذلك كانت قادرة على أن تتحمل كل ضربات الزمن.. وان تجعل من قلبها.. ستارة لكل قسوة من آخر.. ولكل شكوى من مظلوم.. في عناد صابر وفي صبر لا يلين.. كانت قادرة على ان تواجه كل عواصف الزمن.. لكن قلبها ذاك بعد جهاده الطويل في التحمل وفي الصبر \”خدعها\” وراح يتصدع أمام الايام والليالي وضرباتها.. وكانت تقاومه.. بكل ما تملك من قدرة وصبر.. وتضحية.. وإيمان ولكنها في النهاية انهزمت امامه.. وإن كانت لم تنهزم أمام نفسها.
هكذا تأتي الذكرى.. هذه الايام خنجراً كأنه صوت الألم ليُحدث الفراغ عنك ذلك الفراغ \”الكبير\” الذي كنت \”تملئينه\” بحيويتك.. وبفرد جناحيك على ابنائك.. لحمايتهم من سموم الايام وهجيرها.. ومن زمهير الليالي ورياحها..
هكذا تأتي الذكرى.. وكل شيء يسأل عن بقاياك.. نروح نقلب في زوايا المكان.. فتأتين كالبدر الذي يرسل اشعته على صفحات مياه البحر فيعطيها ذلك التماوج الملون لترقص على ضوئه امواجه وهي تمر على شاطئه ذلك البحر الذي كان يشعرنا بالحياة تحول بعد الغياب الى شيء كأنه الرتابة أصبح كسير النفس.. ولم يعد حيوياً ولا مبهجاً، صخب الاطفال على رماله غدا.. صراخاً موحشاً لقد فقدت الاشياء لذتها.. وبساطتها.. وحلو \”مناكفتها\”.
كل ذلك جرى في غفلة سريعة.. لكن رغم ألم الفقد.. فأنت هناك عند لطيف رحيم وفي تربة هي الطهرَ ذاته.. وبجوار من هو رحمة للعالمين.. رحمك الله أيتها العزيزة الكريمة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *