نقطة نظام .. هل يؤلمكم المعروف والفضيلة؟ !

• الشريف خالد بن هزاع بن زيد

لم يقل أحد أننا مجتمع ملائكي ، وإنما نحن كسائر مجتمعات البشر ، لكن هذا لا يمنع أن لوطننا خصوصية كبيرة يدركها الداني والقاصي، وقد منحنا من سياقها ما حافظ عليه المجتمع طويلا واعتبره أمانة جيلا بعد جيل ، وأصبح سياق حياة نعتز به ، لكن ما يحصل
منذ سنوات وبمقدمات معروفة هو تغير مفردات الخطاب لدى بعضنا وملامح صورتنا في ما يقولون وما يحكمون به على مجتمعنا ، وهم جزء منه ..ونهج وطننا ودولتنا ، وجميعنا تحت مظلتها .
فما الذي حدث وما الذي حدا بهم إلى هذا التغيّر ؟ ! ..سؤاليدعونا لنتوقف عنده طويلا ، وبطبيعة الحال لن ننتظر إجابة من المتلونين الذين استعاروا مفردات خارجية وتبنوا خطابا مسموما جندت له قوى سياسية وإعلامية منظمة في الخارج كل إمكاناتها لترسخ صورة
سلبية عن حياتنا ، وجعلوها شغلهم الشاغل ، في هجمة استهدفت ديننا وقيمنا وتعليمنا وموروثنا الاجتماعي الذي ارتضيناه ..فهل حقا يريدون لنا خيرا وصلاحا ..ومن منحهم حق الوصاية على تمسكنا بديننا ونصبهم قضاة على قيمنا ؟ ! .
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحدة من مفردات تلك الهجمة الخارجية، وأطلقوا عليها مسميات ، ونعتوها بصفات ، ونسبوا إليها ما يحلو لهم من أخطاء ..والمثل يقول :\”ليس من سمع كمن رأى \” وهؤلاء لم يسمعوا الحقيقة جيدا ولا يريدون أن يسمعوها ولم يروا واقعنا ، وحتى إن سمعوا ورأوا ، فلن يتغيروا ولن يعقلوا ، لسبب بسيط أن دوافعهم مغرضة ، وأجندتهم مرسومة وأهدافهم مجندون لها .
هم يرون الرذيلة حرية شخصية ويريدون إشاعتها في العالم عامة وبلادنا خاصة ..بالفضائيات والإنترنت وثقافة العري والانحلال ، والآثام والفساد الأخلاقي ، وتهريب المخدرات، وثقافة المجون والخيانة التي أصبحت عندهم أمرا عاديا عيانا جهارا نهارا كطعامهم وشرابهم .ويتوقون لنشرها ليذوب العالم والمسلمون خاصة في قلبها ويغوصوا في وحلها ، فيكملوا بذلك حلقات السيطرة على ما استعصى عليهم طويلا
وهو الهوية الثقافية لحياة أمتنا ، مثلما استنبتوا بذور الإرهاب لتكون طٌعما وشراكا لأفكار التطرف ، ثم ذريعة لهجماتهم وضرباتهم في مفاصل هوية الأمة .
هذا عن حال الخارج ..فماذا عن الداخل في موضوع الهيئة ، وما تتعرض له من اتهامات وتضخيم لأحداث أو تجاوزات وأخطاء حدثت ، هي في كل الحالات فردية ، لا تعميم فيها ولا منهجية ولا هي من نظام الهيئة ولا هدفها ..
للإنصاف يوجد من انتقد تصرفات بعض رجالها وبشدة ، لكن بقصد إيصال الخطأ والتجاوز إلى مسؤوليها للتصحيح والمحاسبة ، وقد حدثت بالفعل استجابات وتغييرات واضحة ، ومتابعة من معالي الرئيس العام للهيئات ، وقد زار الفروع والتقى الإعلاميين ، وصدرت تعليمات مشددة منه بحسن النصح والمعاملة بالحسنى ..ونفذت الفروع دورات لمنسوبيها في مبادئ التعامل ومهارات الإقناع لأعضائها ، ونظام أكثر دقة في مواصفات التعيين لمنسوبيها .
لكن ماذا عن الذين لا يعجبهم كل ذلك ولا يروق لهم وجود الهيئة من الأساس ، ويرونها شيئا انتهى عصره وزمانه ولا يليق بحرية الإنسان وحقوقه وخاصة ما يتعلق بالمرأة والشباب ، ولا تتناسب مع العولمة ورياح الديمقراطية ..ولا ندري كيف يخلط هؤلاء بين كل هذه التوليفة حتى اختلط لديهم الحابل بالنابل ؟ ! .
السؤال الذي أتمنى أن يفكر فيه \” الوكلاء \” تحديدا وليس المنتقدين : ماذا لو لم تكن الهيئة موجودة وقائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من المقاصد الأساسية للإسلام وجوهر رسالته ..وماذا يحصل لو غابت الهيئة لا سمح الله ، أو تهاونت في دورها ولا نقول طورت من أسلوبها لأنه مطلوب باستمرار .
لقد حسم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ذلك بشكل واضح ليسمعه من أراد أن يعقل في الداخل ، ورسالة واضحة للمغرضين في الخارج وإن لم يعقلوا ويفهموا أو يتفهموا ..ففي اللقاء الثاني للهيئة الذي رعاه سموه قال وفقه الله
\” نحن مستهدفون في عقيدتنا وفي وطننا \” ..إلى أن يقول :\”أين مسئولية الآباء ..أين مسئولية الموجهين ..وأينمسئولية المربين ومسئولية الجامعات ودور العلم ..وأينمسئولية الإعلام \”\”ايضا قال سموه :\”فريق آخر وهم من يدعون التقدم والإصلاح ..التقدم إلى أين لأن نكون مثل الغرب وبعض البلدان ..فمن قال إن هذا تقدم ؟ ! ، بل هذا تأخر \” .
إن الدولة وهي تواجه الإرهاب بكل أشكاله ومصادره ليظل هذا البلد بإذن الله آمنا لأهله ولضيوف الرحمن وللقائمين على أرضه ..والدولة وهي تتمسك بشرع الله وتسهر على نشر الفضيلة وسط تيارات الخطر والتغريب والهدم للقيم الروحية والأخلاقية ..والدولة وهي تعزز
كرامة مواطنيها ورغد عيشهم ..في ظل كل ذلك يتوجب علينا جميعا أن نستشعر حجم الأخطار وإدراك المسئولية ، والتعاون على البر والتقوى في ذلك .
** نقطة نظام : قال تعالى \” ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون \”

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الشريف خالد بن هزاع بن زيد
[email protected][/COLOR][/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *