نشطاء الإثارة
د. رؤوفة حسن
خمسة أيام من التحاور والنقاشات، والمعطى النهائي حالات مركبة من خيبات الأمل. فاللقاء يستهدف مجموعة من الناشطات في حقوق الإنسان بعضهن يعملن في إطار خلفية نظرية ورؤية بعيدة المدى. والبعض الآخر يعملن في نشاط تنفيذي يتعاملن فيه مع كل حالة بحالة، ويلتقطن من الفضائيات والصحافة الرخيصة مصطلحات تدين بعضهن الآخر.
كان في الجمع هولندية تزوجت فلسطيني، وانتقلت معه الى الأراضي الواقعة تحت ادارة السلطة الفلسطينية. حضرت وهي تعلم ان ابنتها تشارك في نشاط رافض لممارسات الإسرائيليين وتتابع بين لحظة وأخرى مايحدث لها. وفي لحظة فاضت بها الدموع وهي تخبرنا أن ابنتها تعرضت للإعتقال. وكان جهاز الهاتف عندي لا يتوقف عن إحاطتي بالرسائل لحظة بلحظة عما يحدث في محاولات السيطرة على الشارع اليمني تحت دعوى الدفاع عن القاصرات إما بالمطالبة بتزويجهن أو المطالبة بمنع تزويجهن.وصديقتي المصرية التي حضرت إلى المؤتمر بصحبة ابنتيها، كي تخفف عن والدهن عناء الإرهاق الذي قد يتحمله مع بقائهن معه وهو يعاني من حالة نقاهة بعد عملية جراحية، تشعر أن كل لحظة كانت تمر دون ان تشعر بجدوى فعلي لهذا اللقاء أمر شديد القسوة على قلبها.
المؤتمرات المكررة:
صار حضوري الى اللقاءات المختلفة نوعياً، حيث انخرط في لقاءات أشعر انها متخصصة، ستضيف الى عقلي عقلاً، وتحصن قلبي من الخيبة. لكن هذا اللقاء هذه المرة خدع توقعاتي، فبينما كان هدف التعارف قد تحقق، فإن هدف الجدوى من بقية المداخلات كان لا يستحق السفر ولا التكلفة التي تم دفعها عليه.تعدد المستويات التي لا تشترك في الحد الأدني من التوافق، جعل المداخلات تشرق وتغرب وكأن كل متحدثة جزيرة خاصة بذاتها. والدور المعطى لرئيسات الجلسات كانت القبض على الساعة بيد حديدية لمنع وصول أي متحدثة الى استكمال اطروحاتها إن كان في الجهد الذي تنوي الحديث عنه جدوى.ولأن المتحدثات كثر فقد كانت الأفكار المقطوعة أكثر، وكان الوقت غير المجدي يتزايد. الأمر الذي جعلني استعين بجهاز الكمبيوتر المحمول فأقوم ببعض الأعمال المعلقة بينما أعير أذني بين الحين والآخر لما يجري. وكانت القضايا القديمة المكررة تجتر نفسها عرضاً بعد آخر، فازداد إمعاناً في فتح الملفات التي تحتاج الى مراجعة.
خلال فترة الاستراحة، كنت أفر بنفسي الى أبعد الأماكن مع وجود مجموعة من المدخنات غير المباليات بمشاعر غير المدخنات من أمثالي، فلم تكن لدي الفرصة كي أجلس معهن واستكمل وإياهن إثارة الأسئلة حول ما تبقى من اطروحاتهن التي لم يتمكن من استكمالها.مجموعة من الشابات الناضجات ذوات الرؤى البعيدة ساعدنني على أن اتجنب التعميم على الجمع كله. فالقصة ليست مرتبطة بالعمر بل بنوعيات مختلفة من النساء اللواتي كان بعضهن ينشط حسب السائد دون سعة أفق أو بعد نظر.
التصنيف: