[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]حصة العوضي [/COLOR][/ALIGN]

أين أنت يا امرأة خرجت من قمقم الأحلام والأمنيات الجميلة..؟ ها أنت تضيعين وسط الزحام.. ليس زحام مدينتي أو شوارعنا المأهولة بالبشر.. بل إنك تائهة وسط نفسك.. عن نفسك ذاتها.. والمواقع الفضائية تبثك في كل ثانية من كل شبر على هذه الأرض.. إلى خلق الله العارفين والعابثين.. دون إذن.. ودون مواعيد مسبقة..؟ أنت امرأة خلقت من أضلاع رقيقة تلتصق بالقلب النابض بالحب والحنان والحقيقة.. لكنك غيرت تلك الخلقة بيديك العاريتين عن الندم والصلاحية.. إلى أمد غير مسمى.. حتى أصبحت شفاهك نسخة ثانية عن كل الشفاه التي دخلت إلى غرف الترميم والعناية بالجمال.. حتى لم تعودي تعرفين كيف تخرجين الحقائق من بينهما..فكل ما يصدر عن شفتيك الآن ما هو إلا تزييف واضح لكل ما بداخلك.. وأصبحت عيناك شاردتين عن الحقائق التي يجب أن تراها وتدعمها بصدق ووفاء.. إلا أن العدسات الزائفة والملونة تغلبت عليهما.. فلم تعد تلك العينين تريان إلا الألوان الزائفة.. والزائلة مع المد والجزر.. وتقلبات الظروف.. كم من أزمنة اختصتك برعايتها وعنايتها.. فلم تضطري إلى مزاحمة الرجال العاملين في كل مكان.. وأصواتهم الخشنة.. وأوامرهم التي لا تنتهي أبداً.
لقد صارعت الزمن.. وصارعت وحوش الأرض برقتك وعذوبتك.. ومع ذلك احتفظت بنفسك.. وبعالمك الأنثوي الخاص بك.. والذي يمكن أن يعرفه الصغار والكبار من على بعد آلاف الأميال.. أما اليوم.. وفي هذا الزمان الذي لا نعرفه جيداً.. فقد أصبحت أنت والأخريات.. نسخاً مطبوعة عن بعضها البعض.. والموقعة بأنامل ومشارط الجراحين.. وأصبحت غاياتك في هذه الحياة مغلفة بالضباب والسراب.. أنت اليوم امرأة من خارج عصور هذا الزمان.. فحيثما تكونين.. لا يمكن التفريق بينك وبين ذلك العامل الأجنبي الذي يجلس بالقرب منك في اجتماعك الطارئ.. لم تعد ثيابك مميزة عن ثياب ذلك الرجل!!.امرأة ناعمة رقيقة.. أصبح القتال والشجار والصراع بالأيدي.. برامج وعروض تلفزيونية.. على كل المحطات صار جزءاً مهماً جداً من الحملات الإعلانية المستمرة.. متى تنتهين أيتها المرأة من وضع قياسات خاصة لكل مطامحك وتحركاتك..؟ وتعودين مرة أخرى إلى تلك العصور الجميلة.. التي وضعت تاج الأمومة والحنان فوق رأسك.. وتركتك تتربعين على عروش القلوب والأفئدة المتربصة بك من بعيد..؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *