كنا ولا زلنا نظن أن أمهاتنا وجداتنا عانين من ظلم وتجبر وتسلط آبائنا وأجدادنا وأن نساء زمان كن يعانين من عدم الحرية المتاحة لهن وأن زماننا هذا قد أعطى للمرأة الكثير من الحريات والحقوق التي كانت محرومة منها في تلك الأزمنة الغابرة بل ربما يغبط الكثير منا نساء اليوم على تمتعهن بحياة فيها الكثير من الرغد والرفاهية والراحة والمتعة والصحة .
ولكن تعالوا معي نقف ونتأمل ونقيم حقيقة هذه المقولة .
من الطبيعي وكنتيجة للظلم والتجبر والتسلط من الرجال في ايام اجدادنا ان ترتفع نسبة الطلاق بين النساء وتنعدم اوتقل المحبة والالفة والوفاء بين الازواج ولكن في حقيقة الامر لم يحدث من ذلك شيء بل على العكس تماما كنا نلمس وندرك مدى وفاء ومحبة أمهاتنا وجداتنا لأزواجهن في حياتهم بل وحتى بعد مماتهم وكانت السعادة والاستقرار الاسري ترفرف على معظم الأسر والبيوت.
الطلاق – العنف الأسري – الهروب من بيت الزوج –الخيانة كلها ظواهر نتوقع حدوثها في ذلك الزمن وكنتيجة لمعاناة المرأة من قوة وجبروت الرجال ومع ذلك فلم تكن جدتي وجدتك تعرف أوتسمع عن هذه الأمور إلا في ايامنا هذه.
حرمت أمهاتنا وجداتنا من التعليم ومع ذلك ربين أجيالا عظيمة ورجالا عظماء قادوا ويقودون التنمية والتطور في بلادنا بكل حكمة واقتدار. ليس ذلك فحسب بل ان الاجيال السابقة كانت في الغالب الاعم تسلك الوسطية فلا تكاد ترى الغلو والتشدد في أقصى اليمين ولا ترى بوضوح الفساد والانحلال والضياع والانحراف نحو أقصى اليسار.
وسائل التقنية الحديثة من الاجهزة المنزلية الخادمات والسائقين كلها امور لم تكن تعرفها جداتنا وكن يعتمدن على جهدهن البدني في اداء الواجبات والاعباء المنزلية وكنتيجة لذلك كنا نتوقع كثرة المشاكل نتيجة لضغوط الحياة ومشقتها وكنا نتوقع انتشار الامراض في نساء ذلك الزمان ولكن على العكس تماما كن يتمتعن بصحة وعافية أفضل بكثير من نساء وحريم هذا الزمان وكان الاستقرار الاسري ركنا اساسا في معظم بيوت ذلك الزمان.
عجبا إذن فما هو السر وراء السعادة والمحبة والالفة والاستقرار التي كانت تخيم على جنبات البيوت وتلقي بظلالها بين الازواج والزوجات وماهو السبب في اختفاء الظواهر السيئة مثل كثرة الطلاق والخلافات الزوجية والضرب والعنف الأسري وغيرها رغم وجود الدافع له والمحفز لها . وكيف نفسر ذلك في ظل وجود التجبر والتسلط من الرجال.
لقد تأملت وفكرت ولم أعثر على سبب واضح لذلك ولكن أظن ظناً أن من الأسرار التي قد تكون وراء تلك الظواهر نقاء السريرة وحسن الخلق والإخلاص وفوق ذلك وقبله مخافة رب العباد وتقواه.

3903 جدة -22246 – 6624

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *