نزف جديد لجرح غائر
يمّه أنا ودي أقول للناس
عن الشيمة عن الحسرة عن الإحساس
عن العمر اللي ملاه الياس
أنا ودي أحكّيهم… أضحكهم… أبكيهم
عن الدمعة وليل الخوف… عن القصة حروف حروف
عن جروح تسافر بي… وترقى ثم تحول بي
مثل غيري من الأجناس
لم تكن هذه اول كتاباته لكنه ظل طوال حياته منذ ان عرفناه كاتبا ثم صديقا ظل يكتب عن الشيمة . . عن الحسرة . . عن الاحساس . . عن العمر اللي ملاه الياس، وكان بالفعل يضحك الناس بسخريته ويبكيهم على احوالهم .
استضفته في برنامج رحلة على الهواء بعد ان نشر قصيدة يمه وسجلها بصوته وكنت احسب اني سأسمع الناس بكائية لا مثيل لها عندما اتصلت هاتفيا بوالدته ــ يرحمها الله ــ لتتحدث عن ثامر وعن تأثرها بالقصيدة فالشجن الذي حشده الراحل الاستاذ ثامر الميمان ــ يرحمه الله ــ في هذه القصيدة كفيل بأن يجعل كل قارئ وسامع يجهش بالبكاء . . لكن المفاجأة ان والدة الاستاذ ثامر كانت اجسر واشجع منا . . صحيح انها تلعثمت كسيدة كبيرة في السن لكن كلماتها كانت ثابتة رددت فيها دعوات وحمدا وشكرا لله وبين ثنايا تلك الكلمات كانت رسائلها واضحة وصريحة ومفادها ايمان ثابت ان الحياة مكابدة وعناء .
ذرفنا لحظتها ــ انا وهو ــ دموع تحنان لصدر الام وحنوها وعندما انتهى حديثها رفع الاستاذ ثامر رأسه فخرا بأمه وقد كان خافضا راسه امام الميكروفون كأنها تتحدث امامه .
يعتقد كل من قرأ القصيدة ان الاستاذ ثامر الميمان كان يشكو في قصيدته بؤس الحياة التي عاشها ووالدته واخوته في صغره . . اما انا فقد شعرت ان الاستاذ ثامر الميمان كان يشكو لامه بؤس وشقاء الناس بعد ان اصبح رجلا يكتب عن همومهم ومعاناتهم اليومية لأنه يعرف ان امه سيدة صامدة شجاعة تحملت نفس معاناة الناس في حياتها اليومية .
استنزفت الكتابة واللقاءات ألأداعيه والتلفزيونية الكثير من مشاعر وإحساس الأستاذ ثامر الميمان حتى اصبح في حيرة أحسستها ساعة التقينا في مقابر المعلاه بمكة المكرمة يوم مواراة الدكتور محمد عبده يماني ــ يرحمه الله ــ مثواه الأخير . . كان يتحدث بعيدا عن سخريته المعتادة كأنه يقول : الطريق الصحيح لإصلاح أي فساد واضح للجميع فلماذا لا يتم اتباع ذلك الطريق ؟ ولماذا الإصرار على السير في الطريق الخطأ .
لم يقاوم المرض ولم يستسلم له بل كان لديه ايمان كامل ان هذا قدره وانه ابتلاء من الله وهو وحده القادر على شفائه، وعندما زرته في منزله لم اسمع منه تبرما من آلامه بل كان حديثه عتابا عن غياب طال فلم نلتق كما كنا يوم كان كاتبا في مجلة اقرأ حيث نجتمع كل اربعاء في بيت احدنا مع مجموعة من الأصدقاء وكان على رأس وفي مقدمة تلك المجموعة الشيخ ابو تراب الظاهري ــ يرحمه الله ــ
كان الاستاذ ثامر الميمان يؤمن بحقوق الانسان وحريته واحقيته في العيش الكريم، ووفاته امس الاثنين نزف جديد لجرح غائر سببه الاحساس بهموم الناس والكتابة عنها وهذه الخيبة التي نشعر بها لان ما كتبه ومن قبله ومن معه ذهب ادراج الرياح .
التصنيف: