نحو فهم حقيقي للعنف ضد المرأة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]طارق السويطي[/COLOR][/ALIGN]
إن أغلب ما يتعرض له الإنسان في حياته هو نوع من أنواع العنف، الذي أصبح المسيطر على أسرنا بشكل مستمر وخصوصا على المرأة والطفل إنه \”العنف الأسري\”.
العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف انتشاراً اليوم، فنسبته مرتفعة في مجتمعنا؛ وآثاره بدت واضحة لما نراه ونسمعه يومياً في مراكز حقوق الإنسان ومراكز الشرطة والتي قد تشكل نسبة أقل بكثير من الواقع.
ومثل هذا السلوك ليس له علاقة بمجتمع متقدم أو متأخر، إلا أنه مرتبط وبشكل أساسي بالواقع الاجتماعي الذي يعيشه الشخص نفسه, حيث أثبتت العديد من الدراسات التي أجراها خبراء مختصون أن العنف هو نوع من أنواع التوارث التي يورثها الأب للأبناء, فمن كان يشاهد تلك المظاهر غير الإنسانية يربى على عادات لا يعلم أنها خاطئة, فالأب الذي يعنف الأم أمام أبنائها أو يعنف الفتيات أمام الفتيان في داخل المنزل الواحد, يورث داخل الشخص قيماً بأن الرجل هو الأقوى دائما وأنه هو المسيطر الوحيد على المرأة, وان المرأة لا يمكن أن تكون هي الأقوى ودائماً هي الحلقة الأضعف في مجتمع ذكوري حتى أصبحت تشكل هذه الظاهرة مرضا عند الكثير من الرجال في مجتمع لا يحترم وجود المرأة بأنها النصف الآخر من المجتمع وانها تحمل لقب \”أم أو أخت أو زوجة\”.
وتتعرض النساء لأساليب مختلفة من العنف بدءاً بالتهديد واللكم والضرب أو استخدام وسائل وأدوات تسبب الأذى (بندقية، وسكين، وعصى، وحزام، أو حجر..) فضلاً عن أساليب العنف الجسدي الأخرى التي قد تؤدي للموت بشكل مباشر كالحروق، ومحاولات الخنق، والتسميم وما شابه ذلك.
فأصبحت المرأة هي المكان الوحيد التي يتم تفريغ الشحنات السالبة فيها سواء كان ذلك بالضرب أو بالشتمة.
إحباط.. يأس.. قصف.. دمار.. وأخيراً انهيار كيان أسرة بسبب عنف يمارسه أب لا تتسم سلوكياته بالاتزان.
كذلك فإن للقيم الثقافية والمعايير الاجتماعية دور كبير في تبرير العنف، إذ إن قيم الشرف والمكانة الاجتماعية تحددها معايير معينة تستخدم العنف أحياناً كواجب وأمر حتمي.
فظاهرة العنف شأنها شأن غيرها من الظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلى معرفة حجمها الحقيقي ومحاولة الحد منها ووعي الأسر بشكل عام بأن القانون دائما يقف وراء من يتعرض لمثل تلك المحاولات ولا يمكن لأي امرأة أن تتنازل عن حقها بالعيش كإنسانة لها كرامة أمام أبنائها ومجتمعها.
وعليه فإن ظاهرة العنف ضد المرأة تتطلب فهماً جذرياً لأصولها ومدى انتشارها ولخصائص التربة الاجتماعية التي تنمو فيها، مما يتطلب تعاون قطاعات اجتماعية متعددة للعمل على اجتثاث جذور العنف التي كثيراً ما نجدها تطال طبيعة الفهم الاجتماعي لدور المرأة برمته.
التصنيف: