[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]هناء حجازي [/COLOR][/ALIGN]

والآن، بعد أن توقف القتل اليومي الذي كنا نشاهده على الشاشات، الأطفال الذين ذهبوا وقود حرب تقشعر لها الأبدان، مشهد الأجساد الصغيرة وهي ملقاة على الطرقات أو محمولة بيد أم مكلومة أو أب يبكي، عيون الأطفال الخائفة والممتلئة رعبا وحيرة، الآن، بعد أن انتهى هذا المشهد، ما الذي سيأتي بعد.
الآن تصمت الحناجر التي كانت تنادي بالرد على إسرائيل بالحرب، بفتح المعابر للجنود والسلاح، باستنفار الناس للجهاد وحمل السلاح.
الآن، ننظر إلى الدمار الهائل الذي أصاب غزة، نتحسر، نقدم التبرعات، نمصمص شفاهنا ونمضي في طريقنا.
الآن لن يتذكر أحد أن حالنا اليومي هو الذي قاد إسرائيل الدولة المتعصبة القائمة على العدوان والاحتلال، الدولة التي يقوم رئيسها بالأمر بالمجازر دون أن يطرف له جفن، الدولة التي تشعر أن حكومتها تبدأ نهارها بغسل وجهها بدم الأطفال لأن تنتصر علينا وتستمر في فرض حروبها علينا وتستمر في إذلالنا لهذه الدرجة.
هذه الدولة العدوة والمجرمة، تتقدم علينا علميا وتكنولوجيا بمسافات ضوئية، هذه الدولة تقدم نفسها للعالم على أنها دولة عصرية، الخدمات التي تقدمها لمواطنيها عصرية، وكل تكوينها عصري.
كيف نقدم نحن أنفسنا للعالم، وحسنا إذن دعونا لا نهتم بالعالم وكيف نقدم أنفسنا له، كيف نحن أمام أنفسنا، هل نحن راضون عن أنفسنا، عن الطريقة التي يتعلم بها أولادنا، عن الطريقة التي نعمل بها، عن الخدمات التي تقدم لنا والتي نقدمها للآخرين أثناء عملنا، هل نحن راضون عن عدد الأبحاث التي نقوم بها والتي يرتكز عليها أي بلد عصري في خططه المستقبلية، هل لدينا أساسا خطط مستقبلية علمية.
يا إلهي، كم هو حجم الفارق بيننا وبينهم كبير، كبير ومؤلم، هذا هو عدونا، لم يتفوق علينا بالسلاح فقط، أو ربما تفوقه علينا بالسلاح جاء نتيجة تفوقه علينا في كل الأشياء الأخرى.
وبدل أن نلتفت لهذا الجهاد الأهم، لهذه الطريقة في مقاومة عدونا، ندعو كل يوم لأن نحاربه بالسلاح، وفي ظل التخلف الذي نحن فيه، يصبح من المؤكد أننا سننهزم أمامه حتى بالسلاح، ألا يبدو منطقيا أن ندعو لمجاهدة عدونا بما يتفوق فيه، ألا يبدو منطقيا إن نسأل أنفسنا، كيف تسلط علينا هذا العدو، وكيف استطاع العالم الغربي إن يزرعه وسطنا، أليس بديهيا أن نفكر أننا يجب أن نسير في طريق العلم والتقدم والتطور لأن هذا الطريق هو الموصل إلى التفوق عليهم..
لماذا لم نستوعب حتى الآن أن المنتصر دائما هو صاحب الحضارة، استعيدوا حضارتكم كي تستعيدوا نصركم.. لا يتم الأمر بالعكس ، لم يحدث ذلك من قبل ولن يحدث الآن.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *