تابعت بألم شديد، كسائر أُمَّة المليار والنصف مليار مسلم، في مشارق الأرض ومغاربها، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المشؤوم، بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، ذلك القرار المخزي الذي رأى فيه الكل صنواً لقرار بلفور. كما تابعت ردود الفعل الدولية.
وجلسة مجلس الأمن الطارئة بعد يوم واحد فقط من القرار لمناقشة حيثياته وما قد يترتب عليه من آثار.
أنا لست هنا بصدد لوم بلفور أو ترامب، فكل منهما يعمل لمصلحة بلاده، وبالطبع لمصلحته الشخصية، وقد اعتدنا منذ أن تفتحت أعيننا على الدنيا، أن حقوق العرب والمسلمين ، ليست أكثر من مجرد مادة دعائية دسمة لإرضاء قواعد زعماء الغرب الانتخابية، وتحقيق أحلامهم. فكل من يترشح لرئاسة ، يوعد ناخبيه. و هم على وفاق تام لتنفيذ كل ما يريدون من أجندة ضد القضية.
فبعد دقائق معدودة من إعلان ترامب قراره المشؤوم بشأن القدس، خرج علينا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يقول إنه يرى إن الحل في (إقامة دولتين). يعني أن الأمم المتحدة معكم يا عرب قلباً وقالباً (بالكلام طبعاً)، ولا تلتفتوا لما قاله ترمب. ثم ما هي إلا بضعة دقائق حتى يخرج رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني نتنياهو، معبراً عن امتنان قومه وعرفانهم وجزيل شكرهم وتقديرهم للرئيس ترمب، ولقراره (الشجاع العادل). وكل واحد من هؤلاء الثلاثة قال ما قلَّ و دلَّ.
وعلى الجانب الآخر، كان محمود عباس، رئيس (السلطة الوطنية الفلسطينية)، آخر هؤلاء إعلاناً؛ فاستطرد في خطاب مطوَّل؛ استغرق من الوقت أضعاف ما استغرقه الثلاثة السابقون. وهو خطاب كما توقعه الكل، أقرب ما يكون إلى خطابات القومجية العرب، وقد وصفه كل المراقبين بأنه حشو ، أدهش حتى العدو الصهيوني في تواضع ردَّة فعله على جريمة كهذه في وقت عصيب كهذا.
ويقال الشيء نفسه في ما يتعلق باجتماع مجلس الأمن الطارئ حين ألقت مندوبة أمريكا كلمة مقتضبة تذهب للهدف مباشرة، مستفزة حتى الأمم المتحدة نفسها التي (أضرَّت بعملية السلام وكانت منبراً للعداء والكراهية لإسرائيل) حسب تعبيرها؛ فكانت بهذا أشد إسرائيلية من الإسرائيليين أنفسهم، ثم تحدث ممثل فلسطين، فسار على نهج عباس في الإسهاب وتذكير الأمم المتحدة بحق الفلسطينيين، مع علمه أن الأخيرة تعرف حق فلسطين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، لكنها زاهدة في نصرتهم.
والحقيقة، ما قيل عن محتوى خطاب عباس ومندوب فلسطين في الأمم المتحدة، يقال أيضاً عن الاجتماع (الطارئ) لوزراء خارجية الدول العربية، الذي لم يفضي (كالعادة) إلى نتائج حاسمة يمكنها أن تؤثر بأي شكل في هذا الواقع المرير.
وبالطبع، على خطى هيلي، جاء مندوب بريطانيا، حفيد بلفور، مقترحاً أن تكون القدس عاصمة (مشتركة) للدولتين، الإسرائيلية و (الفلسطينية)، باعتبار ما يكون! ثم جاء دور مندوب الكيان الصهيوني، فلبس جلد الثعلب كعادة بني صهيون دائماً، واندفع في حديثه يغسل العقول لتغييب الوعي وإعادة البرمجة ليصدق الناس ما يقول.
وبعيداً عن فلسطين ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية، هبَّت الدول الإسلامية رسمياً وشعبياً، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، دولة الرسالة والتوحيد، قبلة المسلمين وبيت العرب الكبير، ترفض القرار (الترامبي)، محذرة مما قد يترتب عليه من تداعيات خطيرة، قد تكون أسوأ كابوس على العالم برمته، بما فيه أمريكا نفسها، من خطر الدواعش الذي يلفظ اليوم أنفاسه الأخيرة بعد جهد جهيد.
وصحيح، يظل في الإمكان دوماً أكثر مما كان، كما يؤكد أخي خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة؛ لكن هذا ما تيسر اليوم في ظل هذا الظرف العصيب الذي تمر به منطقتنا، وتلك التحديات الجسيمة والمسؤوليات العظيمة التي تضطلع بها بلادنا نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية في عدة جبهات، من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن.
لكن للأسف الشديد، كما اعتدنا دائماً في مثل هذه الظروف، انبرت فئة غوغائية، أو قل شرذمة من (المصلحجية) و (القومجية) والمخذلين والمتآمرين المندسين، أعضاء الطابور الخامس؛ الذين لم تزد مؤهلاتهم عن ربطة عنق، لأن من يفهم في التاريخ والمنطق والسياسة والعلاقات الدولية والشؤون الدبلوماسية، لا يرضى لنفسه بمقعدهم؛ لإدراكه جيداً أنه يتناقض مع نفسه ويخالف الواقع ويزور الحقائق ويبيع ذمته بثمن بخس، بل قد يصل الأمر إلى خيانة العقيدة والطعن في الإيمان إن كان صحيح الإيمان.. أقول، انبرت تلك الفئة لكيل الاتهامات للمملكة العربية السعودية، بقصد إضعافها والتشكيك في سلامة موقفها وريادتها للعالمين العربي والإسلامي، مع إدراكهم لتلك الحقائق الناصعة. وكأنه مكتوب عليها أن تتحمل كل خيبات بعض العرب والمسلمين وطيشهم واستهتارهم وعدم معرفتهم لمسؤوليتهم، فضلاً عن تحملها لجوهر رسالتها التي تسعد بها وتعتز، بهمة الرجال وشجاعة القادة الأفذاذ الأبرار وصدقهم وإخلاصهم.
ولأولئك الغوغائيين أقول:
1- لماذا لم تطالبوا محمود عباس، وهو المسؤول الأول اليوم عن مشكلة فلسطين بفك كل ارتباطاته مع الكيان المحتل، بما فيها فضَّ شراكة التنسيق الأمني.
2- لماذا أيها الغوغائيين لم تحتجوا على من درج على استغفالكم ببعض الخطب الرنَّانة، في حين إنه سبق ترامب في اعترافه لبني صهيون بالقدس عاصمة لدولتهم التي اغتصبوها من الفلسطينيين،
3- لماذا لم توجهوا سهامكم المسمومة المترعة برائحة الجهل والتسطيح والمؤامرة لبريطانيا التي يؤكد مسؤولوها بملء الفيه إنهم لا يخجلون من تاريخهم الاستعماري. بسبب إعلان انتداب بريطانيا على فلسطين، ثم التخلي عنها بليل لتسليمها لبني صهيون، ومن ثم تزويدهم بالمال والرجال والسلاح والموقف السياسي وفاءً لوعد كبيرها بلفور؟.
4- لماذا أيها السُّذَّج لم توجهوا سهامكم الحاقدة للدول التي وقَّعَت معاهدات سلام مع الكيان الغاصب، ورفعت علمه عالياً خفاقاً في سمائها، إلى جانب علم بلدانكم، إن كنتم تعرفون للوطن معنىً.
5- لماذا لم تطالبوا تلك الدول على الأقل باستضافة الفلسطينيين ومساعدتهم، وفتح الحدود لهم ليمارسوا حياة كريمة حتى يشاء الله لهم مخرجاً للعودة إلى بلادهم بعد طرد المحتل، كما فعلت السعودية التي فتحت قلبها وبابها وجيبها لهم، حتى قبل الاحتلال الصهيوني لها؟.
6- لماذا يا هؤلاء لم تهبوا لنجدة الفلسطينيين عندما كانت تمزق أشلاءهم صواريخ اليهود داخل الأراضي المحتلة، وتلاحقهم الموساد في بلدان الشتات،
7- لماذا لم تبصر عينكم الكليلة كل هذا التواطؤ الواضح الفاضح مع دولة الاحتلال ضد نساء فلسطين وأطفالها وشيبها وشبابها وأشجارها وثرائها الطاهر؟.
8- لماذا يا هؤلاء لم تحملوا بنادقكم وتتجهوا لتدمير الكيان الصهيوني، وهو يضرب بعرض الحائط كل قرارات ما يُعْرَف بـ (المجتمع الدولي)، التي من بينها خمسة قرارات أممية خاصة بالقدس وحدها؛ تؤكد كلها بطلان إدعاءات الكيان الصهيوني بأحقيته في مدينة القدس؟.
9- لماذا لم توجهوا سهامكم المسمومة تلك لأولئك الذين فرشوا السجاد الأحمر للصهاينة واستقبلوهم حتى في غرف نومهم، معلنين إنهم إخوة تربطهم بهم مصالح مشتركة؛ ولم يستطيعوا، بل لم يفكروا في انتقاد الاحتلال حتى إن كان ذلك على استحياء.
10 – لماذا لم توجهوا سهامكم يا مخذلين لدولة الملالي حين اجتاحت العراق وسوريا ولبنان واليمن، بدلاً من توجيه آلة دمارها تلك، إن كانت حقاً صادقة، لصدر الكيان الغاصب المحتل؛ فقامت بالمهمة نيابة عنه في تفتيت الدول العربية وإضعافها، حتى لا تقوم لها قائمة، أو تشكل أي خطر عليها حاضراً أو مستقبلاً؛ إضافة إلى إنها شغلت العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتهما السعودية، بصنيعها هذا عن التفرغ لعدو العرب والمسلمين التقليدي وقضيتهم الجوهرية.
11 – لماذا لم توجهوا يا هؤلاء سهامكم المسمومة لأولئك الذين وقفوا أكثر من مرة ضد قرارات مجلس الأمن التي تدين الكيان الصهيوني وتجرمه، وتطلب تقديم جلاديه إلى المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد أطفال فلسطين ونسائها، بمن فيهم رئيس سلطتها (الوطنية) محمود عباس؛ فضلاً عن تغنيهم دائماً أن بلدانهم أولاً، والآخرين إلى الجحيم .. لا القدس أو فلسطين؛ على النقيض تماماً من السعودية التي تؤكد في كل محفل دولي أن قضية فلسطين هي قضيتها الأولى التي تحتل أول درجة في سلَّم أولوياتها.
فلماذا… ولماذا… يا هؤلاء كل هذا الحقد والغل والحسد على الأرض المقدسة التي شرَّفها الله ببيته العتيق ومثوى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلَّم وجعلها قبلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!.
والحقيقة، أعرف إنكم تدركون الإجابة، غير إنكم لن تجرؤوا على التفوه بها. أما لماذا لم تبصر عين سخطكم يا هؤلاء جهد السعودية والتزامها، ليس تجاه فلسطين وحدها أو القدس؛ بل تجاه سائر قضايا العرب والمسلمين والمضطهدين والمعذبين في الأرض في كل أرجاء الدنيا؟ ففي تقديري يعزى السبب لجهلكم بالتاريخ وفقركم السياسي، فضلاً عن سوء نيتكم، وحقدكم الدفين، وخضوعكم لمن أستأجركم للنفخ في رماد نار الفتنة، وبحثكم عن المال بأي وسيلة؛ لا أقول حتى إن كان على حساب المبادئ، فمثلكم لا يعرف المبادئ وأخلاق الرجال وحكمة الكبار كالسعوديين.
فهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل، مؤسس دولتنا هذه وصانع مجدها، هو الملك العربي المسلم الوحيد الذي حمل دون سائر زعماء العرب والمسلمين في عهده، عبء قضية فلسطين. وكان وحده هو الذي وقف في وجه تشرشل و روزفلت في أواخر الحرب العالمية الثانية، يوم كنتم أنتم يا هؤلاء مجرد نطفة في ظهر والديكم؛ و واجههما بظلم الحلفاء للعرب عامة وللفلسطينيين خاصة في الحرب العالمية الأولى، وانتزاعهم حقهم وتقديمه لليهود على طبق من ذهب؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك عبدالعزيز هو صاحب تلك المقولة الشهيرة التي يتشدق بها أمثالكم من المخذلين للأمة اليوم، بشأن وعد بلفور المشؤوم، عندما رفضه في حينه معلقاً عليه: (لقد أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق)؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك عبدالعزيز كتب للإنجليز مؤكداً: (لو قلت لكم إن هنالك ذرة واحدة في جسدي لا تدعوني لقتال اليهود، لكنت أكذب. لو ذهبت كل أملاكي وتوقف نسلي لكان أسهل عليَّ من أن أرى موطئ قدم لليهود في فلسطين). مضيفاً: (إني أفضل أن تفنى الأموال والأولاد والذراري، ولا يتأسس لليهود ملك في فلسطين). ومحذراً العرب جميعاً، في وقت كان الكل يغط في سبات عميق: (إن مطامع اليهود ليس في فلسطين وحدها، بل إن ما أعدوه من العدد يدل على إنهم يبيتون العدوان على ما جاورها من البلدان العربية)؟.
هل اطلعتم يا هؤلاء على رسائل عبدالعزيز مع مفتي القدس رئيس اللجنة العربية العليا، الحاج محمد أمين الحسيني، ولقائه مع روزفلت الذي أدهشه عبدالعزيز بقوة إصراره على ضرورة العمل مع بريطانيا على إعادة اليهود من حيث أتوا، مما اضطر روزفلت للتعليق قائلاً: (… فقد وعيت مثلاً عن مسألة الجزيرة العربية، تلك المشكلة بحذافيرها.. مشكلة المسلمين ومشكلة اليهود، وعيت عنها في حديث دام خمس دقائق مع ابن سعود، أكثر مما كنت أستطيع معرفته بتبادل ثلاثين أو أربعين رسالة)؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن السعودية كانت أول دولة رفضت تقسيم فلسطين، وأن الملك عبدالعزيز عبأ الشعب وشكَّل لجنة حينها لإغاثة فلسطين برئاسة ابنه الأمير محمداً، فكان أول سابق لدعم فلسطين بهذا الشكل غير المحدود، فَسَنَّ بذلك سُنَّة محمودة، سار عليها جميع أبنائه البررة الذين تعاقبوا على قيادة المسيرة بعد رحيله؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك سعود زار القدس في عهد والده دعماً للفلسطينيين والوقوف على حقيقة أحوالهم ومساندتهم في محنتهم؟ وهل تعلمون يا هؤلاء أن انتصار العرب في حرب السادس من أكتوبر عام 1972م، كان بفضل الله أولاً، ثم بذلك الموقف الاستثنائي الفريد الشجاع في مسار القضية الفلسطينية على الإطلاق، الذي اتخذه الملك فيصل، شهيد فلسطين، تجاه الغرب عندما وظَّف سلاح النفط، فحرمهم منه، فدفع روحه الطاهرة ثمناً لهذا الموقف.. غير آسف؛ نتيجة تآمر الغرب عليه بتحريض اليهود؟ وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك فيصل أمر بتسمية الشارع الذي كان يطل عليه مبنى السفارة الأمريكية في جدة بـ (شارع فلسطين)، ليكون عنواناً لسفارتهم، الأمر الذي يجبر كل أمريكي يريد الكتابة إلى سفارة بلاده في السعودية، على كتابة اسم فلسطين.. فقولوا لي بصراحة يا هؤلاء: هل بينكم؛ أقصد بين من أستأجركم على تواضع تفكيركم، لأنه لن يجد لمثل هذه المهمة الخسيسة أفضل منكم، من يفكر كالفيصل؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن الجيش السعودي الباسل شارك في كل الحروب العربية من أجل الدفاع عن فلسطين، مثلما فعل في الكويت والبحرين، ويفعل اليوم في أكثر من جبهة، فقدَّم نحو مائتي شهيد وعشرات الجرحى والمفقودين من أجل فلسطين، فضلاً عن عشرات مليارات الدولارات الأمريكية دعماً للمجهود الحربي وللصمود الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة؟.
وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك خالد كان يؤكد في كل محفل أن تحرير فلسطين هو قضية العرب والمسلمين الأولى. وأن الملك فهد هو صاحب مبادرة السلام العربية اليتيمة التي لم يستطع العرب إيجاد بديل عنها منذ تقديمها عام 1981م. وهل تعلمون يا هؤلاء أن الملك عبدالله لم يدَّخر وسعاً في دعم الشعب الفلسطيني و رأب الصدع بين (الإخوة الأعداء) فتح وحماس؛ أم أنكم نسيتم اتفاق مكة؟ هل تذكرون تبرعه لإعادة تعمير غزة بآلاف ملايين الدولارات، ومع هذا يؤكد بكل تواضع: (أدرك في الوقت نفسه أن قطرة واحدة من الدم الفلسطيني هي أغلى من كنوز الأرض كلها وما احتوت عليه)؟.
أما سيِّدي الوالد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله و رعاه، و سدَّد على طريق الخير خطاه، قائد مسيرتنا اليوم، الذي ينافح بشراسة وحزم وعزم وحسم عن كرامة العرب والمسلمين، أصبح ماركة مسجلة لمقامه السَّامي الكريم، فله مع نصرة القضية الفلسطينية تاريخ حافل طويل، فضلاً عن ترؤسه لكل اللجان الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين. فبالإضافة إلى ما خلَّده التاريخ من كلمته الضافية الجامعة الشاملة يوم كان أميراً للرياض، عندما شرَّف الاحتفال الذي أقامه سفير فلسطين في الرياض بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لانطلاقة الثورة الفلسطينية بالإضافة إلى تلك الكلمة الخالدة التي تلجم الجهلاء الغوغائيين، أصدر مقامه السَّامي الكريم قبلها بياناً عند انطلاق الانتفاضة الفلسطينية مناشداً الجميع تقديم ما تجود به أنفسهم الكريمة لدعم نضال إخوتهم في الدين وأشقائهم في الدم؛ اقتبس منه: (إن دعمنا للشعب الفلسطيني ومؤازرتنا له وتأييدنا على المستويات والأصعدة كافة، نابع من أواصر الدين والأخوة والمحبة القائمة على أساس من عقيدتنا الإسلامية التي تلزمنا بالمشاركة في نصرة إخواننا أبناء شعب فلسطين في محنتهم وجهادهم وكفاحهم في سبيل استرداد حقوقهم و رفع ما حاق بهم من ظلم جراء العدوان والاحتلال الصهيوني المستمر الجاثم على بيت المقدس وأرض فلسطين. وإن مساندتنا لهم واجبة بجميع أشكال الدعم والمساندة، حتى يتمكَّنوا بإذن الله، من استرداد حقوقهم…)، مضيفاً: (إن شعباً يستمر في الجهاد لجدير بالمشاركة والمناصرة، وحري بنا أن نلازمه الطريق بكل وسائل الدعم كلما سنحت لنا فرص العطاء، وهذه شيمة من شيمنا نحن المسلمين الموحدين بالله الواحد القهَّار).. و وددت أنني استطيع إعادة تلك الكلمة الشاملة الواضحة كلها هنا لو لا ضيق المساحة.
إذن، نصرة العرب والمسلمين هي شيمة أصيلة من شيمنا، بل من أهم البنود في رسالتنا التي من أجلها نشأت دولتنا؛ وعليه فلسنا في حاجة لشهادة أحد، فنحن دولة رسالة، ما قامت إلا لتوحيد الله، وخدمة الحرمين الشريفين، وتوفير الأمن والأمان والراحة والاطمئنان لضيوف الرحمن، ونشر الخير ومبادئ الفضيلة في العالم أجمع.
فاخرسوا واخسئوا يا هؤلاء.. ولا تزايدوا على دولة الرسالة. وليعلم الجميع أن حل قضية فلسطين هو ما أكده القائد الفذ عبدالعزيز منذ عشرات السنين، وأعاده إلى الأذهان شبيهه سلمان في كلمته تلك التي أشرت إليها في احتفال السفارة الفلسطينية بحضور ياسر عرفات: (اتركوا الشعب الفلسطيني يجاهد ويكافح، ومدُّوه بالسلاح.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *