نحن المتآمرون على أنفسنا

• د. منصور الحسيني

د. منصور الحسيني

كتبت هذا المقال في شنغهاي الصينية وما شاهدته في هذه المدينة كان بمثابة القشة التي خلقت هذا العنوان، نعم نحن أعداء أنفسنا وليس كما توحي لنا العاطفة بأن الآخر يتآمر علينا ليسلبنا حقوقنا ولا يرقب فينا إلاً ولا ذمة، نفعل هذا بتركنا بعض الفاشلين أو الفاسدين ليكونوا في مواقع استراتيجية تؤثر في مستقبل البلاد والعباد فتجدهم المخططين و/أو المشرفين على مشاريعنا الحيوية بالرغم من توفر الموارد المالية ليخرجوا لنا نتائج لا تعكس التطلعات وتصنع تسريباً دائماً للمليارات.
ما شاهدته في مجال العمارة ومختلف المشاريع في شنغهاي وما أشاهده لدينا يؤكد أنه منصوب علينا في أعمال البنية التحتية والفوقية بسبب الاستشاريين وبالذات من ملكناهم زمام وضع التصاميم واختيار المواد لأنهم أساس البلاء الذي يأتي المقاول لينفذ ما قدموه برعونة فيستغل تخلفهم بدهاء ولأن المشرفين يتم اختيارهم بعناية من قائمة البلهاء فينتهي المشروع وتدفع الأموال ونكتشف لاحقاً أننا حزمنا الجبال بالحبال.
هذه نتيجة طبيعية عندما يُستهتر في اختيار مهندسي أغلب إدارات المشاريع في الوزارات فيترك فيها تشكيلة من الضعفاء وبعض الخبثاء ولزمن طويل فيكون هو الحاكم بأمره في كل ما يختص بالمشاريع وعند اكتشاف النتائج البائسة يتحججون بالاستشاري، لهذا تركنا ثلاثة من الاستشاريين (المليارديرية) ومنذ توحيد المملكة ليكونوا هم من يرسم مستقبل بلد الأغنياء حسب المصالح والأهواء ويحظوا بالموافقة على تصاميم ومواد للمشاريع لا تليق بمن يدفع الغالي فتجدنا عند هطول المطر وكأننا في الربع الخالي.
راجعوا منهم الاستشاريين المعمرين لتكتشفوا أنهم يعاملون مشاريعنا بالموجود على الرف منذ زمن بعيد بدون مراجعة أو تطوير لأن الباشمهنس المواطن ترك المال سائباً فتعلم حتى المغفلون السرقة من قيمة المشاريع وصيانتها الباهظة التي تُعتمد حتى للمشاريع الجديدة ومن ثم يأتي نفسه ليصلح ما أفسده بأموال وكانها مكافأة على تدني الحال.
لابد من تنظيم يُجرم الاستشاري ومهندسي المشاريع عندما يقومون بوضع التصاميم والمواد العتيقة لمشاريع جديدة وبمبالغ تأتي بالنفيس وليس بالرخيص، لابد أن نُعدم نظام المناقصات الذي يعتبر الوسيلة لتضييع حقوق الوطن بالنظام الإداري العقيم الذي إذا لم يتطور فسوف تكون مشاريعنا ساحة خصبة للئام ممن نسمح لهم نحن باستغفالنا والعالم يتطور من حولنا والسبب أن الإجراءات والقائمين على المشاريع في الغالب هم من مخلفات الحرب العالمية الأولى فكرياً وعملياً ولم يتغيروا أو يتطوروا بل يتحصنوا فأصبح الوطن والمواطن هما الضحية.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *