نتعولم.. أم لا نتعولم؟
لست أدري لماذا سرحت بخاطري وأنا استمع الى الحوار الذي اجرته قناة (العربية) مع الوزير عادل فقيه حول اهمية انشاء الجمعية الوطنية لتقنية المعلومات مما قادني الى اختيار عنوان المقال بشكل سؤال نتعولم.. أم لا نتعولم؟ انا اطرح السؤال واجبت عنه في نفس الوقت دون التفات لما قاله معالي عادل فقيه حول توطين التقنية ذات البريق البازغ، برغم الترويج لها بانها عكس ذلك ام لسخرية بعض مظاهرها الاخاذة مثل نغمات الموسيقى.
وهذا هو الموضوع الذي اثاره الوزير عادل فقيه عند الانفجار المعرفي واثره في الاقتصاد الوطني فالانفجار المعرفي هو ما تطلق عليه اسم الحقائق اللا مادية التي تدخل في صناعة المنتجات الجديدة، فبعد ان كانت هذه المكونات والعناصر المادية التي تدخل في صناعة المنتجات الجديدة تصل الى 30% من قيمة المنتج فإنها حالياً تصل الى ما لا يزيد على 10% من اجمالي المكونات التي تدخل صناعة المنتج ومن المتوقع على اسس علمية معرفية ان تتضاءل هذه النسبة خلال عشر السنوات لتقل الى اقل من 2 % مع حلول عام 2020.
هذا التضاؤل وما يترتب عليه من استغناء عن المكونات المادية من مواد خام وغيرها يرجع الى عدة عوامل ظهرت منتجة للانفجار المعرفي، حيث تم بنجاح كبير تصنيع مواد جديدة تسمى المواد “المخلّقة” وتزايدت قيمة المكون العنصر المعرفي في صناعة المنتجات المصنعة المختلفة.
لذلك فان انشاء هيئة تقنية المعلومات توضح ملامح المشروع الوطني لتقنية المعلومات والذي يمكن ان يحول المملكة الى دولة مستوعبة لما يحدث في العالم بعد ثورة المعلومات والاتصالات وادراكاً من حكومتنا الرشيدة لاهمية عنصر التقنية الحديثة في خدمة العناصر التي تقاس بها القدرة التنافسية لاقتصادات الدول لذلك فان انشاء هيئة تقنية المعلومات يعد خطوة اساسية لدخول المملكة واقتصادها في مصاف الدول المتقدمة بعد ان دخلنا عصر الدولة ونسير في دربها حيث اصبح للتقنية فيها اليد الطولى في تحرير وتصنيف القدرات التنافسية لاقتصادات الدولة.
وما يدعم ذلك ما اكدته تقارير التنمية البشرية الدولية والتي تصدرها دائما برنامج الامم المتحدة للتنمية اصبح عنصر استخدام التقنية ضمن احد المقاييس التي تدخل في قياس مستوى المعيشة والتنمية حيث ذكر التقرير ان 88% من مستخدمي الانترنت في العالم من الدول الصناعية المتقدمة وصل الى 143 مليونا عام 1998 وتوقع التقرير ان يصل عددهم من (700) مليون شخص عام (2015).
لذلك تحتل قضية نقل وتطويع وتطوير التقنية بأبعادها المختلفة مكان الصدارة في وظيفة الهيئة الجديدة، الامر الذي يقتضي منها ان تكثف جهودها وتنسيق برامجها لمواجهة الكثير من الصعوبات والمشكلات التي تعترض تحولنا التكنولوجي المنشود والتغلب على ما تحاول ان تفرضه الدول الصناعية المتقدمة وشركاتها من ابقائنا تابعين لها تقنياً ومن ثم اقتصادياً.
إن مفتاح الحاضر والمستقبل في اطار وظيفة الهيئة الجديدة يكمن في السبق العلمي والتقني ولا يمكن لاية امة ان تتبوأ مكاناً مرموقاً في النظام العالمي الجديد الا اذا كانت تتمتع بقاعدة علمية وتقنية اصيلة ومتطورة.
إذن ماذا نحتاجه بالضبط هل هو مجرد استهلاك او نقل للتقنية ام امتلاكها وتوطينها وكيف ومن اين نبدأ وما هو دور رجال الاعمال وقطاعهم الخاص في هذا المجال وكيف نربط مراكز البحث العلمي والمؤسسات الانتاجية.
إن الاجابة عن الاسئلة السابقة تستند الى العناصر التالية:
1, نظام تربوي وتعليمي حديث.
2. نظام البحث العلمي والتقدم التقني بجيث يرتبط ارتباطاً وثيقا بالمجتمع واحتياجاته.
3. نظام الانفتاح على العالم الخارجي والمشاركة بايجابية فيما يستحدث من معرفة علمية وتقنية واستغلالها في التطبيق.
3. اكتساب مهارات ذاتية في ادارة رفيعة المستوى للنشاطات الوطنية للعلم والتقنية.
5. توفر ارادة الدولة الواعية بقيمة العلم والتقنية ودورها في المجتمع.
ويتجلى الاهتمام بذلك بانشاء الهيئة الجديدة لانها ترى انه آن الاوان لان تتقدم المملكة الصفوف وتتعدى لحمل راية مشاعل المعرفة لتسهم في الابداع والبناء في حضارة في اطار المنافسة الدولية. ان انشاء الهيئة الجديدة – كما قال الوزير عادل فقيه – ان الاقتصاد المتطور يصاحب الدول التي تستخدم التقنية في ايجاد الثروة بطريقة ملائمة في حين ان الاقتصاد الاقل تطوراً يصاحب الدول التي لا تملك التقنية الضرورية لايجاد الثروة.
لذلك اقول انه حينما تطبق التقنية لتصنيف مجتمعية للموارد تنتج سلعا قابلة للتسويق والخدمة والتفوق في ميدان المنافسة تزداد الثروة وبمعنى ادق ان استخدام التقدم التقنية وتطويعها ومن ثم ادارتها هي المسؤولة عن تحقيق الثروة والازدهار الاقتصادي. خلاصة القول ان نقل وتوطين التكنولوجيا ستكون جسرنا الى مجتمع المعرفة.
التصنيف: