نسمع بين فترة وأخرى عن حوادث دامية مؤسفة لأسباب تافهة ، يتضخم العداء لمشكلة صغيرة تراق بسببها الدماء . حيث يستبد الغضب ببعض الأشخاص عند حدوث أي نقاش وتتحرك الانفعالات لتقود إلى أخطر المشكلات.
ولعل ما حصل في أكثر من مكان بالمملكة يستدعي الوقوف والتأمل والدراسة لهذه القضية الخطيرة التي تكاد تكون ظاهرة في مجتمعنا تؤدي إلى أسوأ النتائج.

وليس بعيدا عنا ما حصل في أحد محلات الوجبات السريعة بالأفلاج ، عندما تأخر طلب الزبون قليلا ليستشيط غضبا ويقتحم المحل مهاجما العامل بآلة حادة ! على مرأى من بعض الأشخاص الذين فقدوا الجانب القيمي والإنساني ، ليكتفوا بالتصوير دون أن يتدخلوا لإنهاء الخصام وفك النزاع ، وكأنما يشجعون ذلك الشخص لينتصر لنفسه والخروج بمظهر البطل ، وعندما لم يتمكن من إصابة العامل بالسكين بعد دفاع الآخر عن نفسه ، تحرك الجاني إلى سيارته ليحضر مسدساً يصوبه تجاه العامل بكل بساطة ليقضي عليه من أجل الوجبة!!

ورغم أن ذلك المصور قام بتوثيق الجريمة بكامل أركانها ، تمثل شابا صائلا ومسلحا يعتدي على إنسان أعزل في موقع عمله ، ورغم أنه من خلال ذلك ساعد في تعرف الجهات الأمنية على القاتل ، فإنه مع ذلك يستحق عقوبة أدبية – ومن معه من الحاضرين – لعدم التدخل لفض النزاع ومنع وقوع هذه الجريمة النكراء.

والقتل جريمة عظيمة ومن قتل نفساً محرمة كأنما قتل الناس جميعاً بنص القرآن الكريم. لكن هذا يغيب تماما عن بعض ضعاف العقول والنفوس من العنتريين الذين ليس لديهم سوى ( كلمة والمشعاب).

وما حدث هناك يتكرر في أكثر من موقع وبنفس الأسلوب ، مشكلة صغيرة ونهاية وخيمة بإزهاق الأرواح بالسلاح.
وربما أن حادثة خميس مشيط لا تختلف عن سابقتها ، فالاختلاف على درجة صوت التسجيل في إحدى مناسبات الأفراح كان سبباً في احتدام الموقف ، ليتأجج إلى مضاربة عنيفة يستخدم فيها السلاح الأبيض ، لتنتهي بمقتل أحد كبار السن وإصابة ابنه ، ليتحول الفرح إلى ترح بسبب الحماقة التي أحدثت هذه المأساة على الجميع.

وكم من الحوادث المشابهة التي تسيل فيها الدماء وتزهق الأرواح بسبب الغضب وسرعة الانفعال وغياب الاتزان العقلي لأمور لا تستحق ذلك. رغم أن رسول الهدى عليه السلام أخبرنا بأن الشديد ليس بالصرعة وإنما الذي يملك نفسه عند الغضب وقدم لنا التوجيه النبوي لتجاوز مواقف الغضب بتغيير الوضع الحركي أو الوضوء والاستعاذة وغيرها مما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف .

ومع إهمال تطبيق إرشادات المصطفى زادت النتائج المؤلمة والعواقب الوخيمة التي تصل بأصحابها إلى الحسرة والندامة..مما يتطلب من الجهات الأمنية والبحثية إجراء المزيد من الدراسات والبحوث عن هذا التحول الأخلاقي ، فقد يكون هناك أسباب نفسية وأسرية ومدرسية واقتصادية واجتماعية …تتسبب في الشحن النفسي التي تجعل الفرد يتحول في دقائق إلى سفاح أشر. ولا شك أن معالجة الأسباب قد يساهم في التخفيف من بعض الضغوط النفسية وإزالة التوتر لكي لا تزداد مثل تلك الحوادث الأليمة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *