ميسي في حارتنا
[COLOR=blue]م . عبدالله سعد الغنام [/COLOR]
كنت في طريقي إلى البيت وصادفت أطفالا يركضون ، وكان أحدهم يحمل كرة بيده فوضعها أرضا ، وبدأ يلعب بها بكلتي قدميه ، فدفعني الفضول أو ربما بقايا طفولة في داخلي أن أخطف الكرة من بين قدميه ممازحا له ، فصاح الأطفال جميعا لن تستطيع إنه مثل ميسي !. فهل باءت محاولاتي بخطف الكرة منه بالفشل ؟ لن أخبركم بذلك ، بل سأدعه لتخمين القارئ الفطن. ولكنى مسحت على رأسه وقلت له: عندك موهبة فحافظ عليها ،وقد تصبح شيئا يوما ما.
تبادر إلى ذهني بعد ذلك كيف وصل خبر ميسي إلى كل طفل على هذه المعمورة؟ والأهم من ذلك كيف خرجت هذه الموهبة إلى النور؟. و كم من موهبة في بلدي الحبيب قد ذبلت قبل أن ترى النور ، أو دفنت قبل أن تتنفس ؟ ، سواء كانت هذه الموهبة رياضية أو علمية أو أدبية.لو عدنا بالزمن إلى الوراء قليلا في قصة ميسي فإن أول من آمن به وبموهبته هما أبواه وهذا هو بيت القصيد ، وهذا هو الدرس الأول لنا ، إن الأبوين يمثلان الحضن الأول والأجمل ، وهما أهم مرحلة في حياة الطفل حين تتفتح الموهبة للحياة أمام أعينهم ، ولكن للأسف بعضنا و بعضا من الأمهات والآباء يغتالون تلك المواهب جهلا منهم في أغلب الأحيان.
إن المعوقات هي الطريق الطبيعي للمواهب ، فقد عان ميسي من نقص الهرمونات منذ صغره ( والعرب تقول كل ذي عاهة جبار) فهل توقف أو توقف والداه عند ذلك كما نفعل نحن كثيرا وللأسف ، كلا بل بحثوا وانتقلوا من ناد إلى آخر كلهم يرفضون إنفاق المال في معالجته ، حتى اتجهت أنظارهم إلى خارج الصندوق ، وعبروا المحيط الهادي من أمريكا الجنوبية إلى أوربا، وكلهم أمل وطموح في الوصو إلى من يتبنى علاج الطفل الموهوب ميسي ، ووجدوا ضالتهم في أسبانيا وتحديدا في نادي برشلونة. وهذا هو الدرس الثاني إذ لابد من حضن آخر بعد الوالدين يتابع وينمي الموهبة سواء كان هذا الحضن ناديا أو مدرسة أو معهدا أو مسجدا كلا حسب موهبته.
وأما الدرس الثالث فالنجاح لا يأتي بالقفز السريع بين درجات سُلّمه ، بل لابد من التدريب والصبر ثم التدرج ، فالموهبة وحدها لا تكفي . وقد تدرج ميسي من فئة الناشئين إلى الشباب ثم إلى الدرجة الأولى، ولم يقل أريد أن أصبح الكابتن من أول يوم ، أو أنا المدير الآمر الناهي ، أو أريد أن أكون صاحب الملايين منذ البداية، بل قطف العنب يكون حبة وحبة. وهذه سنن معلومة في مدرسة الحياة ، ولقد أمضى أينشتاين الثلاثين سنة الباقية من عمره يبحث عن النظرية الموحدة للكون ، وظل عطاء بن أبي رباح في الحرم المكي ثلاثين سنة طالبا للعلم .قطف الثمار لا يأتي إلا بعد أن تصقل المواهب وتمتحن ثم تلمع كالذهب.
التصنيف: