ميزانية الخير وطموح المواطن
مصطفى محمد كتوعة
بدأ العمل بالميزانية العامة الجديدة للدولة وهي الأضخم لزيادة أربعين مليار ريال وكلها ولله الحمد خير وبركة في أرقامها وأهدافها التي عكست قوة اقتصادنا الوطني وحكمة السياسة الاقتصادية والمالية لبلادنا بدلائل الواقع التنموي الذي يشهد قوة ضخ كبيرة من المشروعات الكبرى، وبشهادة صندوق النقد الدولي الذي أثنى مجددا على هذه السياسة الحكيمة للمملكة والتي أسهمت في تخفيف تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي والتقييم الإيجابي لمتانة وسلامة النظام المصرفي ولدور مؤسسات الإقراض الحكومية الممثلة في صناديق التنمية بتوفير الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما احتلت المملكة المرتبة الحادية عشر عالميا بالنسبة لمناخ الاستثمار لعام 2011.
والحمد لله جاءت الميزانية بالخير للمواطنين في أكثر من مجال بشكل مباشر مثل إعفاء نحو 33 ألف مقترض من صندوق التنمية العقاري والبنك السعودي للتسليف والادخار من القروض بسبب الوفاة أو بناء على دراسة أوضاعهم المادية وبلغت قيمة القروض المعفاة 6 مليارات ريال، والتوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأتم عليه نعمة الشفاء والعافية، والذي تضمن استمرار صرف 15% بدل غلاء في الميزانية الجديدة وغير ذلك من قرارات واعتمادات كبيرة للتعليم ورعاية المبتعثين والخدمات الصحية والاجتماعية والرعاية للشرائح الفقيرة.
وما أود الحديث عنه بشكل محدد هو ما يتعلق بأمرين أولهما: التوظيف ومواجهة البطالة، والثاني: أزمة الإسكان. فالبطالة شبح يقلق الجميع وهمومها تشغل بال واهتمام الدولة والمواطنين خاصة وأن قوة الاقتصاد وقوة القطاع الخاص تطرح أسئلة عن أسباب استمرار هذه البطالة ، وكيف يمكن ترجمة خطة التنمية الجديدة وبنود الميزانية التي تدعم التعليم والتدريب ويستفيد منها القطاع الأهلي من خلال مشاريع الدولة حيث استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1432 /1433 على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل وبالتالي زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين.
ان التحدي المهم هو كيف يمكن إيجاد مخارج حقيقية لقضية البطالة وتصحيح سوق العمل وتجاوبه بشكل حقيقي تجاه استيعاب الخريجين والخريجات واستثمار مخرجات التعليم التي تشير إلى وجود نحو نصف مليون شاب وفتاة من خريجي الجامعات والتعليم العالي والتقني في قائمة البطالة رغم وجود الملايين من الوافدين وكثير من الوظائف يقبل عليها أبناؤنا ولكنها غير متاحة لهم في سوق العمل الواسع مما يدعو إلى تجاوب حقيقي للتدريب والتوظيف ودعم المشاريع الصغيرة من جانب القطاع الخاص وتحديدا مؤسسات التمويل والبنوك التي لا نرى أثرا لها إلا في القروض الاستهلاكية المرهقة أو قروض الإسكان التي تمتص دماء المقترضين طوال حياتهم من أجل مسكن. هنا أنتقل لموضوع الإسكان . فحركة الإنشاءات الواسعة في المناطق وقوة هذا القطاع وتضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة
ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو مئتين وستة وخمسين مليار ريال، إلا أن مجال الإسكان لا يزال يعاني من خلل فادح حيث العرض المتجمد تقريبا مقابل الطلب المتزايد على الوحدات السكنية والنتيجة ارتفاع جنوني في الإيجارات، فالمستثمرون العقاريون يحجمون عن ضخ أموالهم في إنشاء العقارات السكنية وأسباب ذلك كثيرة ومتشابكة لكن أهمها هو انتظار اقرار نظام الرهن العقاري الذي سيحرك المياه الراكدة، كذلك استمرار ندرة الأراضي وعدم التوسع في المخططات في الوقت الذي تطرح فيه البنوك التجارية عروضا أقل ما توصف أنها كما سبق وقلت تذبح وتسلخ في المقترضين.
إن المواطن يتطلع إلى أن يشعر بأهداف الخطة التنموية التاسعة وميزانية الخير في ثمار إيجابية على أرض الواقع فمشاريع الخير يجب أن يتجه فيها القطاع الخاص إلى دعم جهود الدولة في تدريب وتوظيف الشباب والانخراط أكثر في ما يعود على أبناء الوطن بالنفع والله الموفق.
حكمة لن يعجز قوم اذا تعاونوا.
6930973 02
التصنيف: