[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن المطيري[/COLOR][/ALIGN]

وطني وإن كنت بكَ أجاهد زماناً أغبراً جاثماً على صدري فلا تخذلني فمن غيرك يمدني بحبل النجاة ومن غيري يصعد بكَ حد السماء , من كان يظن من العوام بأن مفردة ( غربة ) لا تحضر إلا مع أزيز محرك الطائرة المغادرة خارجاً فقد جانبه الصواب ! لأن تلك الطائرة مهما ذهبت بمن هم على متنها بعيداً فلا بد لها أن تعود يوماً ما لهذه الأرض , قد تغيرت معاني كثير من المفردات اللغوية بسبب ما حل بالبشر من ظروف ونتيجة لظهور أجيال بعد أجيال حتى أصبحنا نقرأ لمفردة ونفهمها على نقيض ما كانت تعنيه في السابق كذلك هو تعريف ما تعنيه الغربة في هذا الزمان , أيضاً و لإثبات صحة نظرية إختلاف المعنى للمفردة الواحدة بدرجة ظاهرة ما عليكَ إلا أن تتذكر أخر مرة خاطبت فيها أحدهم بجملة قصيرة هي ( أمورك طيٌبة ) حتى نتفق على إكمال هذا المقال ! لذا لا غرابة في سماع أن مواطناً يشكو غربة قاسية بداخل وطنه وهو الذي يجهل موقع إدارة الجوازات في مدينته ! ستكون إنساناً ساذجاً في نظر ذلك المواطن إذا ما حاولت أن تستحضر له معنى مفردة غربة في الماضي ! و ستكون بلا ضمير حينما تطلب منه أن يبحث عن مبنى تلك الإدارة لعله يحصل على جواز سفر جديد معه ( يغيٌر جو ) و يعود مواطناً صالحاً مفيداً لمن يسكن هذه الأرض , لا بد عليك أن تُنصت له لعلك تحاول أن تسبر أغواره وتعرف معنى مفردة غربة بالنسبة إليه حتى تستطيع فهمه ثم بعد ذلك مساعدته , سيخبرك بأنه قد فقد والدته المريضة قبل سنوات لعدم قدرته على توفير سريراً في أحد المستشفيات الحكومية ولأنه لا يملك الاَّ الدعاء الى الله كواسطة تيٌسر ما تكالب عليه من مصائب , سيخبرك أيضاً أنه والد لأربعة أبناء أكبرهم يعمل حارس أمن في إحدى المراكز التسويقية ولأنه عمل شريف فإبنه العصامي يصٌر على راتب الثلاثة ألاف ريال الذي تقتطع التأمينات أكثر من ربعه , أما الثلاثة الباقين فإثنان منهم يستيقظان فجر كل يوم إثنين ليقوما بتحديث بياناتهم في حافز حتى لا يتم قطعه ! أما أصغرهم فلا زال يدرس في المرحلة المتوسطة ويحلم بأن يتخرج مهندساً حتى يعمل بجانب زملائه في شركة سعودي أوجيه ! حينها ستظن أنك قد تعرٌفت على معنى جديد للغربة لكنك وبكل أسف قد استعجلت , فذلك المواطن لم يخبرك بأنه ومنذ حوالي السنة قد منع إدخال ( الرز ) في بيته تطبيقاً لنصيحة أحد المسؤولين ورغم ذلك ما زال يشعر بالغربة !

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *