[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. محمود محمد بترجي[/COLOR][/ALIGN]

مر ما يقرب الشهر على رحيله ولم تنقطع الكتابات في رثائه , مناقبه وفضائله , لم ألحظها في رحيل قادة ورؤساء أو زعماء و أبطال كبار ,كان بيننا ومعنا نلتقي به على مدار الأسبوع وفي مناسبات و أماكن عدة , كنت أعتقد أنني قريبٌ منه , أعلم الكثير عنه , متابع لتحركاته وسكناته , قارئ جيد لكتاباته, مستمع منصت لأحاديثه وأقواله , مستمتع بوقفاته وكفشاته, ما كُتب عنه غضون الشهر الماضي هدم معي رحلة إمتدت سنوات في تاريخ علاقتنا به , انكشفت فيها ,واكتشفت خلالها أنني لم أكن أعرفه ولم استمع أو أقرأ له وأبعد ما أكون إليه , صنفته بأنه رجل مختلف وجد في زمن مختلف تكاد تختفي فيه كثير من القيم والأعراف والمبادئ فتبين لي أنه مجموعة رجال أو أمة من الرجال,وعدني يوماً ما بإرسال جميع قصصه القصيرة دون أن أطلبها منه فلم يفعل , عذرته ولم أعاتبه أو أذكره, فوجئت بعد عدة شهور بها فتأكدت أنه قد ينسى لكثرة مسؤولياته وأعبائه لكن لن يخلف ما وعد به , كتب قبل وفاته بأيام عدة مقالات عن فضائل المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة و ضرورة تعليم الحجاج حبهما فسألته في آخر لقاء جمع بيننا هل الحجاج هم فقط من يحتاج إلى ذلك التعليم. ونظر لي وابتسامته المعهودة تعلو شفتيه وحال لسانه يقول إنت اللي فاهمني .
رحل معالي الدكتور محمد عبده يماني بجسده إلى دار الحق والبقاء- الدار الآخرة – وروحه ترفرف بيننا باقية بما قدمه من خير لدينه و لأمته ولمجتمعه ووطنه, رحل تاركاً مقعده شاغراً ولا يوجد بيننا من هو مؤهل بملئه , بالله عليكم من ينعي من؟ أنا و أمثالي من أصحاب الكلام والنظريات في الصوالين والمجالس ننعي معاليه أو هو ينعيننا؟ قد نكون أحياء جسدياً , لكننا قطعاً أموات بعطائنا , فماذا قدمنا لوطننا وديننا لشعبنا لأمتنا لفقرائنا وأبنائنا لطلبتنا ومريدينا , هو لم يمت.
كيف يموت والمؤسسات الإجتماعية والجمعيات الخيرية التي تحمل بصمته باقية وموجودة أمامنا وتقوم بعملها وشاهدة عيان على مرحلة تسطر بماء الذهب , كُتبه و كتاباته , حواراته مخطوطة ومسجلة محفورة في نفوسنا , هو بالتأكيد لم يمت ,لا نزكيه على الله لكن نحسبه كذلك فهو إن شاء الله حبيبه وحبيب نبيه سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم وآل بيته الطاهرين ونشهد بأنه قضى حياته في خدمة الدين ومساعدة المحتاجين وقضاء حاجاتهم ورفع الظلم عنهم وختم حياته كذلك بالدفاع عن حلق التحفيظ وخدمة الدين , ولا نشهد إلاّ بما علمنا, اللهم اغفر له وأرحمه وعافه وأعفو عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفراناً , اللهم آمين .
فاكس 6602228 02

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *