تحدثت جريدة الديلي ميرور البريطانية في مقالتها الافتتاحية منذ ايام مضت عن مفهوم الدولة الشريرة، والمارقة، او الخارجة عن الاطار العام للقانون الدولي. مقالاً واسعاً تحدثت فيه عن دور بعض الدول في ادارة الازمات الدولية ووصفتها بانها دول مارقة او خارجة عن القانون الدولي.
هناك عدة ملاحظات مبدئية تجدر الاشارة اليها قبل الحديث عن مفهوم الدولة الشريرة او المارقة. نحن نعرف ان القوة القومية لاي دولة في المجتمع الدولي تمثل الاداة التي تعتمد عليها تلك الدول في تحقيق الاهداف التي تتوخاها من وراء اتباع نمط معين في سياستها الخارجة ولكن هل يعني ذلك انه لا يوجد اية روادع او ضوابط اخلاقية وقانونية وادبية تحد من التطرف في ممارسة القوة القومية وتجعل الدول تحصر هذه الممارسة في اضيق حدودها خوفا من ان تتحول الى دولة مارقة او شريرة خارجة على القانون الدولي مما يعرضها لجزاءات يفرضها المجتمع الدولي عليها.
اذن ما هي الضوابط التي تحد او تمنع دولة معينة من الخروج على القواعد الدولية للقانون الدولي؟ وللاجابة عن السؤال لمعرفة هذه الضوابط لمنع خروج الدول عما التزمت في ميثاق الامم المتحدة.اقول ان اهم هذه الضوابط: الاخلاقيات الدولية الرأي العام الدولي، والقانون الدولي، ومبدأ السيادة الدولية.
1. الاخلاقيات الدولية: لقد نص الميثاق الاممي على حماية مبادئ تحدد الاسس التي تحكم العلاقات بين الدول الاعضاء منها، وهذه المبادئ وردت في قرار الجمعية العامة للام المتحدة رقم (2625) في الدورة الخامسة والعشرين الصادرة في اول اكتوبر عام 1970 بشأن اعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقاً لميثاق الامم المتحدة والتي تنص على الاهداف والمبادئ التالية:
1. المساواة في السيادة بين الدول الاعضاء.
2. تنفيذ الالتزامات بحسن نية.
3. حل المنازعات بالطرق السلمية.
4. منع الالتجاء للقوة في العلاقات الدولية.
5.الراي العام العالمي.
وهذا الضابط اكدت عليه جريدة الديلي مرور البريطانية في افتتاحيتها، والمقصود بالرأي العام العالمي الاتفاق الذي يتعدى الحدود القومية للدول ويوجد بينها تجاه بعض المسائل الاساسية في آلياته الدولية لذلك فان هذا الاتفاق الدولي في الرأي تجاه سلوكيات بعض الدول في انحاء العالم في عدم احترام المقارات الدبلوماسية وحماية الدبلوماسيين المعتمدين لديها واعتبار سلوك هذه الدول خروجاً على هذا الاتفاق.
3. القانون الدولي: وترى ان القانون الدولي هو الآخر يقوم بدور آخر في تغيير ممارسة الدول لقدرتها الوطنية عن طريق التفسيرات القانونية التي تعالج بها موضوع الازمات الدولية في العلاقات الدولية.
4. مبدأ السيادة الوطنية: وهذا القيد الاخير يرد على استخدام القوة الوطنية فهو مبدأ السيادة الوطنية ويعني هذا المبدأ سلطة تعزيز كل ما يتصل بالدفاع عن مصالحها. كما ان لها الحق في حماية استقلالها وكيانها، غير ان هذا المبدأ لا يعني ان تضع الدولة سيادتها فوق سلطة القانون الدولي، او ان تفعل ما تشاء دون مراعاة لحقوق الدول الاخرى.
وتأسيساً على ما سبق شرحه من ضوابط نقول ان اية دولة تخرج في سلوكها الدولي على الضوابط السالفة التي تحكم العلاقات بين الدول هي دولة شريرة ، مارقة على الارهاب والمبادئ التي وردت في المادة الثامنة من الميثاق الاممي وكذلك الاهداف التي وردت في مقدمة الميثاق وفي مادته الاولى جزء لا يتجزأ كما هو الشأن في اي اداة قانون مشابهة في قيمتها القانونية وفي قوة اعمالها تمنع الخروج عليها كما تمنع قيام الفوضى في العلاقات الدولية.. وهذه رسالة هامة والكلام لكي واسمع يا جارة كما يقولون.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *