من جائزة(تينت) إلى تقرير الـ (هافينغتون بوست)
كانت لفتة رائعة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف عندما قال بأن فوزه بجائزة “جورج تينت”، التي تقدمها الاستخبارات الأمريكية للعمل الاستخباراتي المميز، قبل أسبوعين، إنما هي ثمرة لجهود وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وشجاعة رجال الأمن وتعاون المجتمع بكل أطيافه في محاربة الإرهاب. لم يجيّر سموه أبدا ما حققه لنفسه،
وهو بالتأكيد يستحق ذلك الإنجاز الأمني بالكامل، وقد وصفته الصحافة الغربية ب”جنرال الحرب” على الإرهاب من سنوات طويلة، إنما عزا سموه النجاح لتوجيهات الأب والقائد سلمان يحفظه الله، ولم ينس كذلك سموه أبناءه من رجال الأمن، الذي يتصدون للإرهابيين بكل الشجاعة، ويضحون بأرواحهم كي ننعم بهذا الأمن، والحقيقة أننا ندين كمجتمع لهؤلاء الأبطال ونحييهم جميعا، من أصغر جندي في جهاز الأمن لأكبر قيادة أمنية فيه.
معالي الفريق عبدالعزيز الهويريني مدير عام المباحث العامة وفريقه من قيادات الأمن يستحقون منا التحية والدعاء والتقدير. ما يقومون به نحو حفظ المجتمع من الدواعش والإرهابيين غير قليل أبدا، وها نحن نطالع بشكل أسبوعي أخبارهم وهم يفككون خلايا الإرهاب في دولة هي شبه قارة، وحدودها بآلاف الكيلومترات، ولكن بعين الله التي لا تنام ثم بجهود هؤلاء الأفذاذ، ننعم اليوم في مجتمعنا بهذا الأمن والاستقرار،
ونظرة فاحصة للدول حولنا، لتجعلنا نحمد الله ألفا على ما منّ علينا من نعمة الأمن. الأمير محمد رد بطريقة غير مباشرة على كل التقارير الغربية المغرضة التي تربط المملكة بمنظمات الإرهاب ك “داعش” و “القاعدة” بسبب وجود بعض أبنائنا ممن التاثوا بفكر التطرف، والتحقوا بهاته الجماعات، وقال في تصريح له عقب فوزه بالجائزة: “نحن محاطون بمناطق صراع، وكنا أول من تضرر من الإرهاب، وقد عقدنا العزم سلفا على الإعداد والتجهيز لمكافحته”، لا أفهم أبدا كيف تربطنا بعض تقارير الصحافة الغربية بهذه المنظمات الإرهابية ونحن نصطلي بتفجيراتهم، بذات الوقت الذي يغضون الطرف عن دور الدولة الصفوية وآيات “قم” في دعم ورعاية هؤلاء الدواعش الذين لم يفجروا عبوة واحدة فقط بداخل إيران.
الدور المتنامي للمملكة في محاربة التطرف وترسيخ الاعتدال، واعتراف الغرب بذلك، لم يقف عند جائزة “تينت”، بل ثمة تقرير مهم نشر في صحيفة “هافينغتون بوست” الأميريكية، الجمعة (10 فبراير 2017)، على انتقال المملكة لساحة جديدة في مجال مكافحة التطرف، هي “الحرب الأيديولوجية”، واصفة إياه بأنه “إجراء فريد من نوعه”.
وقالت الصحيفة إن هناك إجراءً فريدًا من نوعه- آخر- اتخذته المملكة ولا يعلم عنه كثير من الناس وهو أن المملكة، فيما يتعلق بسعيها لمكافحة التطرف الذي بات يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي والعالمي، تمكنت من الانتقال في عملية مكافحة التطرف لساحة جديدة لا يستطيع أحد غيرها أن يقترب منها ويسبر أغوارها، وهي مجابهة إيديولوجيات الجماعات المتطرفة وآرائها المتطرفة بأسلوب علمي.
الصحيفة قالت بأن معالي أمين عام الرابطة د. محمد العيسى هو من يقود هذه المعركة الفكرية اليوم، ويقينا بأن معاليه وفريقه أفلحوا كثيرا ولله الحمد، وبالتأكيد ننتظر منهم الكثير، فأسس الفكر المتطرف الذي تسرب لشبابنا من كهوف تورا بورا، وسجون مصر في السبعينيات والثمانينيات، لا يزال يروج في أجوائنا، وإن خفتت ولله الحمد، لكنه لم ينته بعد. ثمة نقطة لما تزل تجلجل في نفسي، وأنا الإعلامي الذي تابع بكل دقة، الاختراقات الإعلامية الكبرى ل” داعش ” قبل عامين، وكل العالم رأى مقاطعهم وأشرطتهم ومجلاتهم وما يبثون، اليوم لا نرى أي شيء منهم، ويقينا أن ثمة جهات أمنية وإعلامية في بلادنا، هي من كانت وراء ذلك التحجيم المميت لإعلام داعش، وحرت وأنا أسأل عن الجهات التي قامت بهذا العمل الجبار الذي يستحق أعلى جائزة . يحفظ الله بلادنا، منارة هذا العالم الإسلامي وقلبه، ومنبع الرسالة المحمدية الخالصة، والعقيدة الصافية، وإن شوه بعض أبنائنا ديننا هذا ببعض آرائهم وتصرفاتهم، فإنما يمثلون أنفسهم فقط لا الدين، وهو ما أوضحه جليا محمد بن نايف، وهو يقول أثناء تسلمه الجائزة: “جميع الآراء الدينية والسياسية والاجتماعية السلبية التي تستخدم الدين كأداة لا تُعبّر مطلقًا عن حقيقة الدين الذي تنتسب إليه”.
كاتب وإعلامي سعودي
التصنيف: