من بستان الحكمة
الحكمة ضالة المؤمن في كل زمان ومكان، ففيها مرآة الانسان والناس والصفات والكلام والافعال، والحكمة تجد طريقها الينا ونستحضرها في الحياة، لان قيمتها نبعت من عقول وقلوب اصحابها لآلي في كل الشعوب وحضارات كل عصر، لان الانسان هو الانسان والبشر هم البشر في التجارب والمواقف وتباين الطبائع التي قد تروق للبعض، وبعضها يكون كلدغة العقرب.
والحكمة فضل من الله على عباده الذين انعم بها عليهم. قال تعالى: (ولقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر الله) واصحاب الحكمة في نعيم العقل استخلصوها في تجارب الحياة والبشر. ليتركوا لنا موروثاً عظيماً من درر معاني الحياة، وفي كتاب الله الكريم والسنة المطهرة السراج المنير الطريق الانسان المؤمن والفلاح في الدنيا والاخرة لمن تمسك بهما.
والحكمة قبس من العقل والتفقه في الدين وفيها خير كثير، قال سبحانه (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً وما يذكر الا أولو الالباب) وقوله تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وقوله سبحانه (ولما بلغ اشده اتينه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين).
ومن بستان لقمان في الحكمة، ما يروى انه كان في شبابه غلاماً، فامره سيده يوما ان يذبح شاة ويشوي له اطيب ما فيها فذبح لقمان شاة واتاه بلسانها، في اليوم التالي اعطاه سيده شاة اهرى وامره بذبحها ويجي بأخبث ما فيها، فذبحها واتاه بلسانها ايضا تعجب سيده وسأله عن ذلك فقال لقمان: ياسيدي لا شيء اطيب منه اذا طاب وازودان بالصدق، ولا شيء اخبث منه اذا خبث وشانه الكذب.
إن في حفظ اللسان السلامة وفي اطلاقه الندامة والخسران قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت) هكذا لو حفظ الناس ألسنتهم لاستراحوا واراحوا, فاللسان على صغره عظيم الخطر فلا ينجو من شره الا من ألجمه عن المساوئ، اما من اطلق له العنان فانه يسلك به مسالك الشيطان الى دار البوار قال الشاعر:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل
وكل امرئ ما بين فكيه مقتل
اذا ما لسان المرئ اكثر هذره
فذاك لسان بالبلاء موكل
ان حفظ اللسان من جميل الاخلاق مع الناس في حضورهم ويحفظ غيبتهم، وطيب الكلام في المجالس ومصاحبة اهل الكلمة الطيبة والمواقف الصادقة وهؤلاء هم الخلان، فاحسن الاختيار مصداقاً لقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم (المرئ على دين خليله، فلينظر احدكم من يخالل) ومما اعجبني في ذلك قول لقمان لابيه (يا بني ليكن اول شيء تكسبه بعد الايمان خليلا صالحا، فانما مثل الخليل كمثل النخلة، ان قعدت في ظلها اظلتك، وان احتطبت من حطبها نفعك، وان اكلت من ثمرها وجدته طيباً” هكذا الصديق الصالح عنوان الفلاح، وللشاعر:
عاشر اناسا بالذكاء تميزوا
واختر صديقك من ذوي الاخلاق
ان صخب الحياة وغلبة المظاهر، جعل الصداقة في بوتقة اختيار كل يوم، فاذا صدق الانسان اخيار النفوس انتقل اليه خيرهم بردا وسلاما، واذا صادق العابثين اصابته شرورهم، فالاخوة الصادقة تثمر خيراً واذا بنيت على الحظوظ الدنيوية، فانها سرعان ما تزول بزوال سببها اللهم ات نفوسنا تقواها، وزكها انت خير من زكاها، انت وليها ومولاها.
للتواصل 6930973
التصنيف: