من المحبرة .. عندما تحزن مرتين
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]
** كان يحدثنا وفي صوته حزن عميق. وشجن مقيم عندما قال كنا نراه في مجتمعنا الصغير مثالاً في شخصيته وسلوكه. كنا نراه ذلك الإنسان صاحب الرأي والموقف الذي يعطي للأمور أحقيتها في الصدق والوضوح. كنا نراه رجلاً بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. ويقول ورنة الشجن تلوح في حبال صوته.
وازداد بعضنا تفاؤلاً به وحباً له [ن جعله مثالاً في الخلق والاستقامة وحسن السيرة وسلامة المخبر كل ذلك منحناه إياه ونحن نتابع بعض أخباره ونتفاً من نشاطه.
لقد كان يبهرنا بأحاديثه التي كان يطلقها في بعض المجالس التي يغشاها حيث كان صوته رزيناً وهو يتلون ليعطي مخارج حروفه رنة لها وقعها في أذن من يستمتع اليه وفي كل موقع يذهب اليه، كان الاخرون يحسدون من يعمل معه ويلتصق به.
ودارت الايام دورتها. فجأة وجدناه في وسطنا حقيقه لا خيال وواقعاً لا حلماً. فأعطيناه حبنا وصدقنا. ولكن لم تمض ايام كثيرة حتى أُصبنا جميعا بحالة ذهول مريع عندما أخذ ذلك الهرم الذي كنا نراه من البعيد شامخاً يتساقط ليتحول الى كوم من الحجارة \”الدبش\” فالشخصية الرائدة ظهرت شخصية مقيته في كل شيء. فالرجل له في كل لحظة موقف وفي كل ثانية رأي يناقض نفسه في الدقيقة الواحدة اكثر من مرة. قادر على ان يكذب حتى على نفسه. ومع هذا وكل هذا يظل يحمل مظهره الخادع لمن لا يعرفه فاذا تكلم يخدعك بلفظه الكاذب. له ميزة واحدة أعترف له بها هي اذا ما دخل الى مجلس – ما – نراه صامتا لا يتكلم يختبر اتجاه الريح ثم يميل نحوها فيأخذ كلمة من ذاك وعبارة من هذا ويكون من ذلك الخليط جملة لا يعنيه ان تكون مفيدة أو لا ، فقط يحرص على أن يكون اللفظ رزيناً وقوياً.
حقيقة لقد حزنا مرتين من أجل هذا الانسان.. المرة الأولى لكونه أصابنا بخيبة أمل في شخصه. والمرة الثانية أنه أصبح في دائرة من عرفناه ذات يوم مع الأسف.
على أية حال الشيء المفرح في وسط كل هذه الغم والحزن أن ما كان مستوراً بالنسبة لآخرين عنه أصبح معلوماً وتلك هي نهاية لكل كاذب ومدعٍ.
التصنيف: