من المحبرة .. حافظوا على البقية

• علي محمد الحسون

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

قال لي صديقي القادم لتوه إلى هذه البلاد بعد أن غرب وشرق سائحا ومستكشفاً في بلاد ومدن أمريكية وغربية وعربية لقد قرأت وسمعت الكثير عن بلادكم وما قطعته من شوط كبير في التقدم والرقي كنت في كل مرة أكاد أشك في أن أسمع أو اقرأ لكنني حقيقة مندهش فالذي أراه لم أكن أتخيله أو أتوقعه.
قلت له ولم كل هذا العجب؟
قال ونحن نخطو في بحر من الأنوار على طرفي الكورنيش انظر إلى كل هذا الجمال الذي يحيط بنا. إنني لم أكن أتوقع ما أشاهده وألمسه واقعًا.
لفَّنا صمت قصير نسمع من خلاله وقع خطواتنا على الرصيف الممتد على طول الشاطئ وانعكاس تلك الأنوار على ضفة المياه يشكل لوحة فنية رائعة عندما التفت إلى متسائلاً :
من الذي رسم هذه اللوحة الجميلة وحرص على إبرازها بهذا الشكل الفني الأخاذ لا بد أنه فنان من داخل هذه البيئة..
قلت له كيف عرفت هذا؟
أمس وأنا أدخل إلى جدة القديمة وأخذتني انحناءات شوارعها ومتعرجات أزقتها. واستنشقت رائحة ملوحتها وأحسست برطوبتها في زواياها وتلك الأبواب التي أعيدت إلى مكانها كشاهد عصر وعلامة حضارة. كل هذا الذي رأيته بالأمس وأراه اليوم في هذا الكورنيش لا يمكن أن يحافظ عليه ويحرص على بقائه إلا فنان من هذه البيئة يعرف قيمتها ويعشق عبقها وإلا ما رأينا الآن في كل زاوية في هذه المدينة لفتة فنية أو شكلاً هندسيًا.
إن بعض المدن لا تبني حاضرها الجديد على حساب ماضيها القديم. إن كثيرًا من المدن التي زرتها لم تفقد طابعها الخاص وهناك مدن ذات خصوصية تحولت إلى مدن من الكتل الأسمنتية لكن جدة لا زالت تحافظ على بقايا من تاريخها وهذا دليل كافٍ على بعد نظر ذلك الذي أصر على أن تكون مدينة تجمع عصريتها مع أصالتها. لهذا لا بد من المحافظة على ما تبقى من ماضيها والذي بدأ يتآكل هذه الأيام إلا أطلال وذكرى يجترها أبناؤها في منتدياتهم اليومية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *