خالد تاج سلامة

عرفته عن كثب ولازمته سني الدراسة.. كان مقعده بجوار مقعدي بمدرسة الفلاح بجدة .. فقد كان طالباً مواظباً يستغل كل دقيقة في الاستعياب والمراجعة .. كان ركنه المفضل في أوقات الاستراحة تحت شجرة النيم العريقة . كنت أراه ممسكاً كتاباً أو دفتراً يراجع بعض الدروس .. لم يكن يحب الاختلاط مع الآخرين .. بيد أنني كنت الوحيد الذي ركن واطمأن إليه. كنت عند الانتهاء من اليوم الدراسي يذهب إلى دكان أبيه شارع قابل فيجد غداءه ويمكث حتى ساعة متأخرة من الليل يساعد والده في البيع والشراء.
كانت حياته تجربة شاملة لأنها حصيلة أحداث بدأت من بلدة أبيه وأجداده بتريم بحضرموت حتى استقرار العائلة بجدة وحصولهم على الجنسية السعودية..
أحداث اتخذت مكانها في ظروف متنوعة.. فأعطت نتائجها كمعرفة واستنباط دروس أمتدت بالمقدرة.. فلم يكن نبوغه ونجاحه \” ضربة حظ\” بل كانت نتيجة معرفة ومواصلة وانكباب على العلم .. سهر الليالي منكباً على التحصيل فكان أن بنى ذاته وتضافر على تشييد ذلك البناء بالإطلاع الدائم. بشهادة حق في زميل رحلة العمر واسمحوا لي بعدم ذكر اسمه لأنه يكره ذلك بعد أن اصبح وأمسى من أصحاب رؤوس الأموال ولكن لم يتنكر قط لرفقاء الدرب .. أقول عنه ولا أريد بذلك رضاء منه وعطاء لأنني لم أكن في يوم من الذين يتقربون لغيرهم منه أوعطاء لأنني لم أكن في يوم من الذين يتقربون لغيرهم بنفاق أو تزلف .. ولكنه الإكبار والإعجاب بجهاد هذا الشاب العصامي .. الذي يعتبر بحق قدوة ومثالاً للشباب الناجح فلم يكن بناء ذاته هيناً .. بل كان نتيجة صبر وجد متواصل قال لي ذات مرة: كنت أبني ذاتي من العدم فكنت أرى طريقي واضحا وخطواتي راسخة حتى حققت بحمد الله ما كنت اصبو إليه..
ولاشك لأن لتوجيهات الوالد – رحمه الله – أثرا كبيراً – بل كانت هي أساس نجاحي في حياتي الدراسية والعملية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *