منع فيروز

د.علي محسن السقاف

لم اغضب عندما قرأت في الصحف ان ورثة عاصي الرحباني منعوا فيروز من الغناء حتى يستوفوا حقوق والدهم في دخل الاغاني و الحفلات لانهم ببساطة هم الذين صنعوا مجد فيروز واستثمروا خامة صوتها التي ربما بقيت منسية مثلها مثل ملايين العربيات من ذوات الصوت الجميل اللاتي لم يكتشفهن احد فبقين منسيات في القرى.
ولان الملايين تحب صوت فيروز من المحيط الى الخليج وانه لا يوافقني احد في رأيي فقد ظننت ان في نفسي تبلداً فنياً وغلظة غنائية او شعوبية طربية،لكنني نفيت عن نفسي هذا الخاطر بكوني استمتع بأغاني نانسي عجرم واحلام وعبدالمجيد عبدالله وعمرو وتامر لهذا لايمكن ان يكون رأيي في غناء فيروز مبنياً على جهل فني وبلادة حسية،
ولقد فتشت في تاريخي الفني منذ الطفولة لعلي اهتدي الى السبب الذي جعلني لا احب غناء فيروز فاكتشفت بعد التقصي والتحري سبب المشكلة وهو أن الاذاعة السعودية اشترت قبل حوالي اربعين سنة خمس عشرة اغنية لفيروز لكن الاذاعة لسبب لا اعرفه اذاعت جميع الاغاني دفعة واحدة فكان المذيع يقول بعد كل اغنية والان مع الثانية ثم الثالثة والرابعة حتى وصل الى الاغنية رقم خمسة عشر والتي كانت اغنية (شتي يادنيا شتي) وقد حدث ذلك في مرحلة تشكلي الفني فحصلت لي العقدة الفيروزية التى ما زلت اعاني منها الى اليوم.
وقد ذكرت صحف مصر أن المسألة ليست جديدة فقد رفع السنباطي دعاوى على ام كلثوم لأنها استأثرت بالكعكعة ولم يصله الا الفتات رغم انه هو الذي ابدع لها الالحان بل اننا لا زلنا نرى ان الابداعات الفنية التي تصنعها مجموعة من العقول وتنفذها مجموعة من الحناجر يستأثر بعوائدها المادية اشخاص معدودون اما الباقون فحالهم حال الكومبارس الذين يعتقد المخرجون أنه يكفيهم من اجر أن يراهم المعارف والجيران في لمحة خاطفة من فيلم يقوم ببطولته مشاهير الفنانين.
وحتى احافظ على سلامتي الشخصية من وصف ارعن لغناء فيروز قلته في مرحلة الشباب ولا يمكن ان اكرره الآن بعد ان عرفت سبب العقدة الفنية التي اصبت بها فساقوم بتدريب اذني بالتدريج على اغاني فيروز حتى انضم بعد التعافي الى الملايين الذين يعشقون صوتها في كل مكان.