منتزه رغدان..جهود موفقة وسياحة راقية !!
عبد الناصر بن علي الكرت
عندما تجلس على أديم أخضر من الأعشاب تحت ظلال أشجار العرعر الكثيفة ، تلامس أهدابك الندفات البيضاء من أسراب الضباب.. التي تأتي بهدوء وتتحرك ببطء ، حتى يدفعها الهواء الطلق بسرعة فيبعثرها ويسوقها إلى البعيد ، لتصل أسراب أخرى تأتي بنفس الصورة وتمضي بنفس السرعة ، في مشهد بانورامي مدهش.
فكلما هب النسيم العليل زادت مداعبة الهتان للوجوه برذاذه المنعش ، لتبحث مجددا – وأنت في غاية الانبهار – عن رداء إضافي لتتقي به البرد أحيانا مع أنك في عز الصيف .
وعندما تعيش هذه اللحظات الماتعة فاعلم أنك في غابة رغدان بمنطقة الباحة .
ولا شك أنه قد يحلق بك الفكر كثيرا ويسرح بك الخيال بعيدا وأنت على هامة مطلاتها المشرفة على تهامة ووديانها ، لتشاهد السحب بشكل مختلف ، فقد تعودت بأن ترفع رأسك لتراها في السماء ، لكنك هنا ستنظر إلى الغيوم من علو وكأنك راكب في طائرة محلقة في الأجواء . فتأسرك أيضا الطيور التي تلمحها صافات ويقبضن في فضائها الواسع . مجموعة تعلوا من فوق الرؤوس تشدوا بأنغامها الطروبة وأخرى تعلو (أنت) عليها تغرد بألحانها الشجية .
وعندما يهفهف الهواء أغصان العرعر من حولك تتحرك تلك الخصلات المتدلية فتشم عبقها الأخاذ وتطرب لحفيفها الهادئ الذي يتموسق كأنغام جذلى تشنف الآذان ، فترتاح النفوس وتهدأ القلوب .
ولا تملك أمام هذه الطبيعة الفاتنة والمناظر الآسرة والأجواء الحالمة إلا أن تسبح الخالق العظيم على جميل صنعه .
فهذه الغابة الرائعة التي ارتبطت باسم (قرية رغدان) تظل من المواقع السياحية الراقية والمميزة في بلادنا .
ومن الجميل ما قامت به أمانة منطقة الباحة بتوجيه من سمو أمير المنطقة الأمير مشاري بن سعود يحفظه الله بتحويلها إلى منتزه منظم غاية في الروعة والجمال.. لتصبح مقصدا سياحيا عالي المستوى ، يقبل عليه المصطافون والسياح بأعداد كبيرة من داخل المملكة وخارجها . بما هيأته من إمكانات طيبة وخدمات جيدة طوال الوقت . تتمثل في الطرق الميسرة والجلسات العديدة والمريحة والإنارة وملاعب الأطفال والمواقف والمساجد والمسارح والمطلات والمظلات والمخيمات وأكشاك البيع والمرافق الأخرى …وجهودها الكبيرة في عملية إعادة المساطب وتسهيل تصريف مياه الأمطار وخدمات النظافة الدائمة ، وما لديهم من خطط تطويرية سيشهدها المنتزه في المستقبل القريب ، لدرجة يستحق معها سعادة أمين المنطقة المهندس محمد المجلي ورجال الأمانة كل التقدير والاحترام .
هذا إلى جانب ما يقام في هذا المنتزه وما حوله من مهرجانات وفعاليات هادفة لجميع شرائح المجتمع خاصة الأسرة والأطفال .
طيلة فترة الصيف . وهذا الجهد في الواقع لم ينحصر على ذات المكان بل امتد لمواقع أخرى كثيرة في الباحة ، تحققت بالإخلاص والاهتمام ، لتتشكل بذلك الهوية السياحية للمنطقة التي تجعلها تقف في المقدمة بين المناطق بما حباها الله من سحر الطبيعة وروعة الأجواء.. وما تملكه من خصائص فريدة ومقومات عديدة تميزها في كل الأحوال .
فبجمال المكان يحلو الزمان ويسعد الإنسان ، خاصة من يقصد هذه المنطقة من الزائرين والمصطافين والسياح .
التصنيف: