[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن المطيري[/COLOR][/ALIGN]

لم يذكر التاريخ القديم أو المعاصر منه أن حدث مزيج مقزز في مشهد قصير بين قطعة خبز ونهر من الدم البشري, فالأولى بالخبز أن يمد الإنسان بالحياة فكيف يغرق بعد ذلك بدمائه النقية؟ أحرق نيرون روما وتلذذ بالمشهد الكامل من على برج عالٍ مستذكراً قصائد هوميروس في طروادة, أعدم ستالين ثلاثين ألف رجلٍ في ليلة الثامن من ديسمبر من العام 1938م وهو الذي قتل أكثر من 36 مليون شخصٍ خلال فترة حكمه, قضى أكثر من 02% من سكان العالم في الحرب العالمية الثانية بفعل مشروع أدولف هتلر وحماقة تشرشل لكن لا أحد ممن ذكرتهم على اختلاف دياناتهم وأفكارهم كان سيسمح ولو قليلاً بأن يقال عنه أنه قاتل لأب عائد برغيف من الخبز لأطفاله الصغار ! حدث ذلك على مقربة من نهر العاصي في حلفايا البلدة الصغيرة في ريف حماة بداخل سوريا حيث قصفت قوات بشار مخبز البلدة في مجزرة جمعت الأطفال بالنساء والرجال ولم يسلم منها الخبز, وبشار لمن لا يعرفه يعتبر رئيساً لدولة عربية ديانة معظم سكانها الإسلام ومرجعيتها الأمم المتحدة ! فلا الدول الإسلامية ولا العربية ولا حتى دول الأمم المتحدة مجتمعة استطاعت أن تضمن للمواطن السوري أكل خبزه بمأمن عن وحشية من يحكمه, بالعودة لحماة المدينة الثائرة والتي كان قدر أهلها أن يكتوون من عائلة الأسد لمرتين, ففيها قتل المجرم حافظ الأسد والد المجرم الصغير الحالي أكثر من ثلاثين ألفاً من السوريين في العام 1982م وفاخر شقيقه رفعت الأسد بعد ذلك بقتله السوريين على العلن بصفته قائداً عسكرياً لتلك المجزرة, وليست حمص وحلب والعاصمة دمشق بصفتهن أكبر ثلاثة مدن سورية بعيدة عما حدث في حلفايا, فكل منزل بداخل تلك المدن لم يسلم من وحشية النظام وعبث قواته الحيوانية التي أدمنت الدم ولن يوقفها بعد كل هذا الدمار سوى الدم ذاته!.
إن ما يحدث في سوريا منذ عامين من مأسي وتهجير و تنكيل بالمواطنين وسط صمت مطبق من دول العالم قاطبة والتي وإن قام بعضها برحلات مكوكية إعلامية تناولوا فيها الخبز الفرنسي الفاخر على جراح السوريين وأثمرت عن نتائج خجولة فإن ذلك لم يحدث سوى الخيبة في الوقت الذي كان ينتظر منهم أن يصنعوا الفرق مساعدين في وقف نزيف دم المواطن السوري البريء حتى أن يحفظوا لديمقراطيتهم وحرياتهم التي \” يزعجوننا \” بها في كل صباح مصداقيتها,إن ما يحدث للسوريين الأن ما هو إلا وصمة عار في جبين النظام العالمي والسياسة، وليس حائط جامعة الدول العربية في القاهرة ببعيد عما يحصل, فالكل مسؤول والكل يلحق به بعض الذنب وفق ما يملكه من قدرة يحدث من خلالها الفرق في سوريا, لكن الشيء الذي يبعث الأمل في خضم ألم الشعب السوري هو أن لا أحد له الفضل في انتصار الثورة السورية بعد أن تحدث بعد الله إلا سواعد ثوارهم ودعوات عجائزهم وشيوخهم, شهد رغيف الخبز للسوريين في نضالهم ضد حاكم جبان وحتى تنتصر الثورة فإن لملحمة الخبز والدم ذكرى قاسية يستخرج منها السوريون عصارتها التي ستدفع بهم نحو مستقبل مليء بالأمان والتعددية والمعيشة الكريمة بعيداً عن بشار الأسد.
 
[email protected]
 
 

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *