مكاشفة مع الدعوة والاسرة

• مصطفى محمد كتوعة

في ندوة (مسؤولية الدعاة في توعية الشباب بأمن المجتمع) اشار معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ الى تحديات عدة تواجه الدعوة وغيرها من اوعية الوعي، وحدد ذلك في رسالتين لتلك الندوة بقوله: ان المسؤولية كبيرة لكن ادواتنا ضعيفة ولابد من التعامل مع الواقع فهذه الندوة هي اولا: رسالة لطلاب العلم والدعاة في ان تثبت ونحسن من انفسنا ونصلح في انفسنا، وثانيا رسالة اخرى لنواجه هذا الزخم الكبير جدا من الانحراف فالشباب اليوم من سن السابعة الى الثانية عشرة والخامسة عشرة لهم وسائل في التأثير اكثرها الالعاب الالكترونية.
كلام معالي الوزير لم ينته بل وضع يده على الداء والدواء من منظور اشمل يحتاج للتطبيق، بان امن الشاب يتطلب تكاتفا بين المدرسة والبيت والمسجد والسوق والاعلام والصحافة، فالجميع لابد ان يستشعر المسؤولية بعد ان سجل الواقع شبابا لا يعرفون الاستقامة تحولوا بقناعة ضالة الى مريدي للتفجير والتكفير كمنهج بدون علم وهو لا يعرف من العلم شيئا.
نعم الدعوة تواجه تلك التحديات الكبيرة والخطيرة ومن ثم لابد من تقييم مستمر وشامل لادواتها وللدعاة والارتقاء بها وتأكيد فاعلية رسالة المسجد لتصل الى عمق المجتمع بروح الوسطية السمحاء، فأساليب العصر من الانترنت والهواتف والاجهزة الحديثة يستغلها الاشرار لبث افكارهم الضالة والانحرافات، ومن ثم الدعوة مطالبة بدراسة هذه التحديات وقضاياها ووضع الخطط اللازمة لمهامها على المستوى البشري والتقني لسد ما امكن من الثغرات قدر الامكان ولا احد يطالبها بان تتولى امر التوعية وحدها لكنها ركز الساسي في هذا الامر.
فالخطر الاكبر بات يكمن في الفكر الضال التدميري الذي يختطف عقول بعض الشباب والمراهقين ويتخذ من اجل ذلك كل الوسائل بخبث وتضليل وتغرير، وتصل الى تشكيل العقول الصغيرة التي تجد اهمالا من الاسرة ولا تجد تركيزا من الاعلام وكذا ضعف التأثير التربوي في المدرسة، هذا الواقع جعل التوعية بشكل عام في مأزق حقيقي يبدو جليا في اعداد المتورطين والمغرر بهم ويكمن الخطر الاساسي في مظاهر العزلة الذهنية والنفسية مع الاجهزة والهواتف الخاصة الحديثة، وحتى الاباء والامهات وهو الدقوة الاولى والمباشرة، باتوا في هذه العزلة ولم تعد الاسرة تجتمع على شيء في سورها وشؤون التعربية والتوجيه بخلاف ما كانت عليه في الماضي.
أن امن المجتمع يخترق من خلال غرف مغلقة مع اجهزة التواصل على النت عبر الهاتف والكمبيوتر، وهذا يطلب تكاتفا بين المدرسة والبيت والمسجد والاعلام وكل من يشعر بالمسؤولية وربط الابناء بجسور تواصل داخل الاسرة، وتحذيرهم من الوقوع في شراك التضليل الناعم الخبيث، كذلك التواصل بين اولياء الامور والمدرسة باعتبارها مع الاسرة الاكثر تأثيرا في السلوك ولابد من احياء الدور التربوي والتنشئة السليمة ولغة الاستماع والحوار في الاسرة وفي التعليم وكفى اهمالا وتراخيا وغياب من بعض الاباء والامهات الذين هم حاضرون جسدا وغائبون مسؤولية، وايضا بالتوازي مع الدور المنشود. للدعوة والخروج من تقليديتها، والسلبية في ذلك تفتح ابوابها لشرور الفكر الضال الذي هو تربة عفنة للارهاب.
لقد كانت الدعوة والاسرة بخير قبل هذا الغزو وعولمة الفكر والاعلام بمختلف اساليبه وكان المجتمع بخير عندما كان المجتمع يقتدي بالاخلاق النبوية العظيمة فكان التراحم والتسامح وصلة الارحام وحق الجار، وقبل ذلك كله حق الله وتقواه، وحق الوطن، والمحافظة على امنه وامن المجتمع ولذلك فان الدعوة اليوم مثلها مثل الاعلام والاسرة والمدرسة والمجتمع ككل امام اختبار حقيقي، ولابد من يضبط الجميع بوصلة التوعية ويسجل درجات نجاح تباعا لتحصين شبابنا واجيالنا من خطر الانحراف الاخلاقي والفكر الضال، والتصدي لكل ما يسلب الروح نقائها ويفرغ الاخلاق من جوهرها، والله الهادي الى سواء السبيل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *