معا لمكافحة حمى الضنك
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الشريف خالد بن هزاع بن زيد[/COLOR][/ALIGN]
نحن مع كل العالم مشغولون هذه الأيام بأخبار انفلونزا الخنازير .. ندعو الله أن يقينا شرورها .. وأن يعين أجهزتنا المختصة في المنافذ والداخل في مهامها الوقائية ..لذا وفي غمرة الانشغال بالخطر البعيد ، نخشى أن ننسى خطرا قائما بيننا وأقصد \”حمى الضنك\” والحمد لله أن الوضع مختلف نسبيا .
فإذا كانت العدوى هي القاسم المشترك بدرجة متفاوتة بين المرضين ، فإن الاختلاف يكمن في أن الإنفلونزا المذكورة تنتشر كوباء اذا انتقلت عدواها للإنسان.. وهذا يستدعي إجراءات صارمة منها التخلص من الحيوانات المريضة وربما ايضا السليمة ، وهذا يعني لمن يربونها ويتاجرون فيها ولدولهم كارثة اقتصادية إن اضطروا لها .
لكن في حمى الضنك ما الذي نحسب حسابه ؟.. وماذا يكلف العلاج والوقاية؟
إنها لا تكلف سوى الخطوة الوحيدة والأهم وهي التخلص من نواقل الحمى (البعوض) والقضاء على البيئة الحاضنة له وأماكن تجمعاتها حيث تضع أنثى بعوض (الإيدس) بويضاتها في المياه الراكدة والملوثة والآسنة واماكن تجميع النفايات.. وهذه هي المشكلة .
السؤال : لو أن مدينة مزدحمة وكبيرة مثل جدة ، وكل مدينة وقرية وهجرة عولجت فيها مشاكل المياه الراكدة والمستنقعات وبؤر تجمع المياه مبكرا .. أليس ذلك تخطيطاً صحياً وقائياً وبيئياً وحضارياً ؟.. ولو نفذت حملات توعية وإجراءات صارمة للمخالفات .. هل ستجد بعوضة حمى الضنك مرتعا خصبا لها ؟.
وإذا كان السبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية .. فلماذا توقف مشروع خفض منسوبها وتراجع منذ سنوات؟ .. وإذا كان السبب في غياب شبكة الصرف الصحي .. فلماذا لم توضع خطة بديلة للوقاية تتعامل مع الأمر الواقع ، حتى لا يكون البعوض هو الأمر الواقع نفسه ؟. وإذا كانت (المرئيات الفضائية) قد كشفت عن وجود أكثر من 1600 مستنقع بعضها جف وبعضها تم ردمه في الآونة الأخيرة فلماذا لم يتم ذلك مبكراً على سبيل الوقاية؟ .
أما الذي لا نفهمه ، هو أن يكون (زوار جدة والوافدون إليها من المناطق الأخرى من أسباب انتشار حمى الضنك) وهذا يحتاج إلى توضيح .. وقد ورد ذلك خلال الجولة المصورة لمعالي الأمين قبل أيام ، و نشرتها صحفنا بصيغة موحدة تقريبا ، ضمن حديثه عن عن أسباب انتشار المرض والخطة قصيرة وطويلة المدى لتنفيذ (استراتيجية مدروسة لخفض معدلات البعوض الناقل لفيروس الضنك ) فهل جاء زوار جدة بالعدوى أم بالبعوض ؟.. أم أنهم صنعوا المستنقعات ولم يردموها قبل مغادرتهم؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للسياحة بجدة.
مشكلتنا بشكل عام وفي مجالات كثيرة ، أن تحرك الأجهزة والجهات المعنية ، لا يتم إلا عندما يدلهم الخطر ويكشر عن أنيابه ثم تكثر التفسيرات .. ثم نستغرق وقتا طويلا في تصورات الحلول .. مع أن طالب الابتدائي يعرف أن البعوض ناقل للملاريا ، والآن عرفنا جميعا أن نوعا آخر منه ينقل الضنك .وبالمناسبة هذه الحشرة الطائرة لا يقتصر انتشارها في البؤر فقط ، وإنما تشارك الجميع وتحوم في كل مكان.
إننا نقدر لمعالي الأمين جولته الميدانية مع المسئولين المعنيين وحرصه على تفقد الحملة ، وقد شارك بنفسه لدقائق في الرش ، مرتديا البالطو الأبيض والقناع الواقي وغطاء الرأس وقفاز اليد ، وسط إعجاب المرافقين والعاملين ، ليؤكد جدية المرحلة ، وعلى أن الأمانة سخرت كافة إمكاناتها لمكافحة نواقل حمى الضنك .
ولأن الأمين طالب بضرورة التعاون من المواطنين للحد من انتشار البعوض والمرض باعتبار المواطن (شريك في منظومة العمل ولا يمكن تجاهل آرائه واقتراحاته) فإننا كمواطنين لا نطالب سوى بتنفيذ هذه الاستراتيجية المدروسة .. خاصة وأن الدولة وبتوجيه كريم خصصت مليار ريال لمكافحة حمى الضنك والقضاء على أسبابها .. وقد صرح معالي الأمين أن ذلك يحتاج لمزيد من الدعم.. فهل انتهى المليار بينما الإستراتيجية ( توها بدأت ) في الوقت الذي صرح فيه المسئولون بأن الإصابات زادت في الفترة الأخيرة وشرحوا أسباب ذلك .
وكمواطن أثمن التعاون والتنسيق مع وزارة الصحة كجهد مشترك واحد وليس طرفين لأن الهدف واحد .. فالدرس القديم الماثل جيدا : أن المسئولية عندما تتوزع وتتعدد جهاتها، تضيع الأهداف وتتفرق بين الأطراف .. ولا يبقى سوى الانتقادات والاتهامات المتبادلة بين الجهات المشتركة نفسها ، وهذا لا يعوض خسائر .. ولا يحقق مكتسبات حضارية في المرافق وصحة الإنسان والبيئة لو أنجزت في زمنها .وكمواطن أتمنى أن تنظم الأمانة مع الصحة حملة مشتركة مستمرة هدفها واحد هو التوعية ، فكثيرون يظنون أن مجرد رش بالوعات المنازل فيه الوقاية لشهور ، ولا يدرون عن المرض شيئا ولا أسباب الوقاية .
أخيرا المواطن يتطلع إلى جدول زمني لاستراتيجيه مكافحة حمى الضنك : كم فترة الخطة العاجلة ؟ وإلى متى الخطة الطويلة؟ وبعدها تقاس النتائج ، كم تكلفت وماذا أنجزت .. ومن ثم تقدير النجاح ومحاسبة التقصير .
نقطة نظام : متى نسمع أن جدة وغيرها خالية من حمى الضنك ؟ .
[email protected]
التصنيف: