[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** قبل ان اتحدث عن صلب هذا الموضوع، اود بداية ان اقول انه تظل القراءة السريعة لمعنى ان تكون المرأة حاملا وهي تشغل وظيفة رسمية او حتى اهلية، بمعنى الاّ تكون متفرغة لعمل البيت (ربة بيت فقط).. اقول يظل كل من يقرأ هذه الحالات وسط الاناث يعتقد ان تبعات الحمل ستكون عائقا امام اداء مسؤوليات العمل المكتبي او الميداني، غير ان هذا الشعور سرعان ما يتبدد، عندما يجد ان معظم النساء الحوامل ينجحن وبامتياز، في القيام باعباء هذين العملين الشاقين الحمل بكل آلامه – كرهاً على كره – والعمل بكل عنائه وساعاته وهمومه.
** ذات مرة كنت اتحدث مع احد الاطباء في مناسبة علمية، وضمن حشد من الحضور، فخطر علي بالي هذا السؤال خصوصا والمدعوون للمناسبة اطباء وطبيبات النساء والولادة، عندما سألته عن معنى تلك الحزمة من المخاوف التي تنتاب عددا من النساء وازواجهن عندما تبدو على الزوجة آثار الحمل، وهي على رأس وظيفة قد يمتد العمل بها الى ساعات طويلة في اليوم الواحد.. الطبيب اجابني بسؤال لم اتوقعه وجعله نيابة عن جوابه، عندما قال وقد عرف انني من مواليد القرية.. هل تتذكر جملة المهام والاعمال اليومية الكثيرة التي كانت تقوم بها امك وانت طفل بعد ان وعيت الحياة، يوم كانت تحمل وتلد اخوتك؟
** ومع تقدم الحياة وما حفلت به من متغيرات، صار للمرأة شأن ابعد من ان تكون مجرد موظفة في عمل يمكن ان نقول عنه انه من الوظائف المألوفة، مثل ان تكون معلمة او مديرة، او طبيبة او نحو ذلك، خصوصا وبعض نساء العالم من حولنا قد وصلت الى مقعد رئاسة الوزراء، والى حمل حقيبة وزارية، ومع ذلك تظل المرأة هي المرأة، تحمل وتلد، وتمر بها كل الحالات الانثوية الفيسيلوجية المعروفة، لكن ان تكون المرأة وهي وزيرة حاملا، بحيث يمكن لأي احد ان يشير نحوها بيده قائلا: (معالي الوزيرة.. حامل) فإن هذا مما قد يبدو للوهلة الاولى امام البعض شيئا لم يعتادوه، مع انه امر طبيعي جدا.
** ولعل عودة الى اوراق الارشيف تقدم لنا حزمة من الاسماء، لعدد من السيدات اللواتي انتابتهن حالة الحمل وهن على رأس الوزارة كوزيرات، ففي فرنسا مثلا، شاهد الفرنسيون بين فترة واخرى احدى وزيراتهم تمارس مهام الوزارة – على رأس العمل – وبطنها منفوخ امامها، فقد سبق لـ\”سيفولين روايال\” ان كانت حاملا وهي وزيرة البيئة، وايضا \”فريدريك بريدان\” يوم كانت وزيرة للرياضة عام 1992م و\”فلورانس بارلي\” يوم كانت تحمل حقيبة وزارة المالية عام 2000.. اضافة الى \”كلودشيراك\” وهي ابنة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، التي رزقت بمولود ذكر، وهي على رأس العمل مديرة للعلاقات العامة لشؤون الصحافة في الاليزية.
** غير ان اللافت في كل هذا المشهد الفرنسي هو حال وزيرة العدل الحالية \”رشيدة داتي\” التي ظهرت عليها علامات الحمل، بحيث شغلت الصحافة الفرنسية ومعها عدد من الصحف حول العالم، وخصوصا امام السؤال، من هو الاب؟
غير ان ما يهمنا هنا من مسألة الوزيرة \”رشيدة\” انها وبعيدا عن موضوع الحمل والولادة، تعود اصولها الى المغرب، حيث هاجر والدها من المغرب وبعد سنتين من وصوله الى التراب الفرنسي ولدت رشيدة (عمرها الآن 42 عاما) وأمها جزائرية، وبدأت الفتاة رشيدة تعمل في عدة مهن بسيطة الى جانب دراستها الجامعية، الى ان حصلت على ليسانس الاقتصاد، ثم الماجستير في القانون، وعملت في شركة، ثم مستشارة تربوية، ثم درست القضاء وصارت قاضية، الى ان صارت مستشارة للرئيس \”ساركوزي\” ابان توليه وزارة الداخلية الفرنسية، وفي 2007 نصبها ناطقة باسم حملته الانتخابية الرئاسية، وفي ذات العام اختارها وزيرة للعدل بعد وصوله سدة الحكم في الاليزية.
** وهكذا يظل عالم اليوم بكل متغيراته وطقوسه وتحولاته، يحمل الكثير مما لم يكن مألوفاً منذ مائة عام مضت مثلا، في اشارة الى انه كما ان المدنية الحديثة قد منحتنا جوانب رفاهية وخدماتية كثيرة، فقد سرقت منا الكثير من المفاهيم والتقاليد والاطر المألوفة.. وبالنسبة لي فكلما حاولت العودة الى عقد مقارنات متنوعة بين الماضي البسيط والحاضر المترف، اجد ذاتي منحازا الى الكثير من عفوية الزمن الجميل الذي مضى، فبالرغم من القيمة الخدماتية التي صنعتها لنا حياة اليوم، الاّ انه تظل للماضي نكهته الطبيعية النقية من كل مساحيق الحاضر، ويا خوفي من القادم!!
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *