[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] محمد حامد الجحدلي [/COLOR][/ALIGN]

الحالة الاستثنائية التي مرت بها الأزمة المصرية وغير المسبوقة منذ ثورة 23 يوليو التي اقتربت من عقدها السادس بإرهاصاتها المتزامنة مع منعطفات هذه الأزمة بما لها من آثار سلبية كشفت صورة مختلفة لما اعتادت عليه مصر فالأرواح التي أزهقت والدماء التي سفكت على هذه الأرض الزكية تعكس سلوكيات العنف كنموذج لا يعبر عن أخلاقيات هذا الشعب العريق الذي صنع تاريخه ومنجزاته الحضارية ورسم أيديولوجيته التي عبرت عن ملامح مجتمعه طيلة الفترة الماضية وأحسبها طويلة من عمر الزمن، ومصر بتعدد نخبها وأطيافها وطموحات مفكريها ومثقفيها وسياسييها ومع هذا التباين الذي وصل لدرجة الاحتقان مع الجهات الرسمية في بعض الأحيان لاختلافات جذرية إلاّ أنها تتفق على سيكولوجية واحدة منسجمة مع كافة هذه الأطياف بروح وبساطة مجتمعها الأصيل وخصائص أحيائها الشعبية والحديثة فمهما تباينت الآراء وتشعبت الاتجاهات واختلفت أمزجة صناع قراراتها السياسية إلا أنها سرعان ما تُذيب كل ما علق بتبعات الخصومة بتناول فنجان قهوة بقهوة الفيشاوي بالقاهرة أو نسمة هواء دافئة على كورنيش الإسكندرية وزيارة خاطفة لقصر المنتزه التاريخي .
وللحقيقة فإن الثوابت التاريخية بين المجتمع المصري ومجتمعنا السعودي تمثلان بُعدا آخرا في تاريخ العلاقات الأخوية بأبعادها الإنسانية مستعيداً في ذاكرة التاريخ قديمه وحديثه صلة الرحم والروابط المتينة بين المجتمعين الشقيقين التي ظلت راسخة وعميقة ومتزايدة.
إن مقدرات الشعوب واستثماراتها بمخزونها البشري يتمثل في مشاركة شبابها لبناء مؤسساتها المدنية . فشباب مصر مثلا هو الثروة الحقيقية التي عبرت عنه مطالبهم في ميدان التحرير و بمواقع أخرى على أرض مصر تلك المطالب التي اعترفت بها القيادة السياسية ووعدت بالوفاء بها وهذا الاعتراف يسجل لهذه القيادة كنجاح يوازي نجاحات سابقة لنفس القيادة إذا أردنا أن لا نغالط التاريخ وأن نسمي الأشياء بأسمائها لتسود سياسة الحكمة والعقلانية وما هي إلاّ شهور قليلة ليتم تداول السلطة بطريقة حضارية لتكون مصر في موعد مع التاريخ برؤية مستقبلية وطموحات سياسية واقتصادية لكافة مجالات التنمية بأجندة أتفق عليها كواقع عملي على الأرض يستثمره الشعب وهو ما أعلنه نائب رئيس الجمهورية في بيانه الرسمي كانتصار للإرادة الإنسانية التي عبرت عنها الرغبة الوطنية للتغيير الجذري وقطع دابر الفساد التي دعت له رموز الإصلاح كحقيقة ينعم بها الجميع.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *