[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

لا قيمة للمال إذا لم تكن هناك إدارة ورقابة ومحاسبة، ورغم حجم الإنفاق الكبير الذي تنفقه الدولة على المشاريع الحكومية من خلال الميزانيات المعتمدة لها إلا أنَ المواطن لا يزال يلمس التعثر أو التأخر في بعض هذه المشاريع ويبدي عدم رضاه الكامل عن جودة بعض المشاريع المنفَذة .
قد يرجع عدد من المراقبين أسباب تعثر بعض المشاريع إلى ضعف الرقابة الداخليَة في بعض الأجهزة الحكومية التي تتم فيها المشاريع ويعزي البعض الآخر ذلك التعثر إلى ضعف أداء بعض المقاولين لأسباب فنية أو نتيجة ضعف في التمويل أولأمور تتعلَق بخلافات في العقود بالإضافة إلى إمكانية بيع العقود من المقاول الرئيسي لمقاولين آخرين بالباطن حتى يصل أداء تنفيذ المشروع إلى أضعف المستويات. تعثر المشاريع الحكومية نتيجة لهذه الأسباب أو غيرها يعطل الخطط التنموية الطَموحة للوطن ويؤثر في الخدمات المقدَمة للمواطنين.
زيارة وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة يوم السبت الماضي لمستشفى شمال جدة أعطت مثالاً حيأً عن تأخر بعض المشاريع الحكومية فهذا المستشفى بدأ إنشاؤه قبل سبع سنوات وتأجل تسلمه أكثر من مرَة. استياء وزير الصحة من وتيرة العمل بمشروع المستشفى ماثله استياء مواطني محافظة جدَة الذين طال انتظارهم للمستشفى الجديد ويأملون سرعة إنجازه طمعاً في الحصول على خدمات طبيَة جديدة علَها تسهم في تخفيف الضغط الكبير على المستشفيات القائمة. شفافية الدكتور الربيعة كانت رائعة وهو يعترف بالمشكلة ويعلن من خلال وسائل الإعلام عن قيامه باستدعاء المقاول والتنسيق مع إدارة المشاريع بوزارة الصحة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان إنهاء المشروع في وقته المحدد.
شفافية وزير الصحة سبقتها بأيَام صراحة وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري عندما اعترف بتأخر بعض مشاريع الطرق خلال لقائه رئيس الهيئة الوطنيَة لمكافحة الفساد الأستاذ محمّد الشريف مرجعاً سبب ذلك التأخير إلى نقص المقاولين أمام كثرة المشاريع وأنَ المقاول يتحمَل أحياناً مشاريع أكبر من طاقته. وسائل الإعلام أشارت أيضاً إلى اجتماع الدكتور الصريصري بالمقاول والاستشاري لعدد من مشاريع الطرق في منطقة تبوك خلال زيارته التفقدية المفاجئة يحثهم على إنهاء المشاريع في وقتها المحدَد وبالأخص الطريق المتأخر في التنفيذ وهو طريق تبوك – حقل مع الالتزام الكامل بالمعايير الفنية ومواصفات الجودة للوزارة. اعتراف الوزيرين وغيرهم من المسؤولين بوجود المشكلة هو أساس الحل وتوضيحهم لحالة المشاريع من خلال وسائل الإعلام الرسميَة تعتبر خطوة رائعة فالمواطن من حقه كشريك في عمليَة التنمية معرفة وضع المشاريع المعتمدة ومواعيد انتهائها وأسباب تأخر بعضها.
حلول كثيرة تمَ طرحها لإنهاء أزمة تعثر المشاريع الحكومية مثل دعم الأجهزة الرقابية في الوزارات المعنية بالصلاحيات الكافية وإعادة تصنيف المقاولين ومراجعة وتعديل النظام الحالي للمناقصات الحكومية والقائمة تطول، ولكن يبقى دور منسوبي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هو الأبرز ممثلاً في إمكانية إشرافهم على تطبيق العقود ومتابعتهم وزياراتهم الميدانية الرقابية على المشاريع وكل ذلك يمثل تحدياً جديداً للهيئة.
مشاريع كثيرة اعتمدتها الدولة بأموال ضخمة هدفها الأساسي هو خدمة المواطن، تعثر أو تأخير تنفيذ بعض هذه المشاريع يخالف مسار التنمية ومن أهم أسباب الفساد وهو ببساطة يعكس عدم الاحترام للمواطنين المحتاجين لمخرجات تلك المشاريع .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *